العقيدة - الإيمان والعقيدة
هل التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والصالحين مشروع، ولا غبار عليه؟ وهل التوسل بهم يكون في حالة حياتهم فقط؟ أم في حياتهم وبعد موتهم أيضاً؟ وما دليل ذلك؟ وهل تَوَسْلَ أحد من الصحابة أو التابعين؟
جوابهم : -
نعم يجوز التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والأولياء والصالحين، وهو مشروع لقوله تعالى في سورة الإسراء: أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب فالوسيلة هي القربة وقيل الدرجة وقوله: أيهم أقرب معناه: ينظرون أيهم أقرب إلى الله فيتوسلون به، كما قال البغوي في تفسيره وغيره وأيضاً لما أخرجه الترمذي وابن ماجه في سننهما والنسائي في عمل اليوم والليلة والطبراني والحاكم والبيهقي وصححوه عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي فقال: اُدع الله أن يعافيني قال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك" قال: فادعه قال: " فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه فيَّ" قال عثمان بن حنيف: والله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط. والأدلة في ذلك متضافرة من الكتاب والسنة الصحيحة. ولا فرق في ذلك بين حياتهم ومماتهم، ذلك لأن التوسل في الحقيقة ليس بذواتهم المجردة وإنما هو بما لهم من منزلة ومكانة وجاه عند الله سبحانه وهو باق بعد الممات كما كان في الحياة، وأيضاً لعموم الآية السابقة وغيرها كقوله: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توَّاباً رحيماً وكلٌ من المجىء والاستغفار واقع في سياق الشرط، والفعل في سياق الشرط يدل على العموم كما هي القاعدة الأصولية، لا نعلم في ذلك خلافاً. ومما يؤيد ذلك الحديث المتقدم أن النبي علَّم الضرير الدعاء ولم يقيده بزمن أو يخصصه بأحد وهذا ما صرحت به رواية ابن أبي خيثمة الصحيحة: أن النبيَّ لمَّا علم الضرير الدعاء المذكور قال له: "وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك" فهذا إذنٌ صريح من المعصوم بالتوسل في سائر الأحوال، وهذا الذي فهمه عثمان بن حنيف راوي الحديث فقد علَّمه صاحب حاجة إلى سيدنا عثمان بن عفان في عصره كما روى الطبراني وصححه والبيهقي. ولو كان مقتصراً على حياته كما قال بعض من خالف لما جاز لعثمان بن حنيف أن يُعَلِّمَه إياه بعد وفاة النبي وهذا أيضاً ما فهمه الحفاظ والمحدثون فإنهم في ما اطلعنا عليه من مصنفاتهم الحديثية والفقهية يوردون هذه القصة تحت باب الدعوات والأذكار غالباً. وأما الأدلة من الآثار فهي كثيرة أيضاً، منها: توسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه في الاستسقاء كما في صحيح البخاري، وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح عقب هذه القصة ما نصه: يستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والخير وأهل بيت النبوة. ا هـ . ومنها: مارواه الخطيب: 1/120 في تاريخ بغداد بسند صحيح إلى أحمد بن جعفر قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول: (ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر ـ يعني الكاظم ـ فتوسلت به إلا سهل الله لي ما أحب) والخلال هذا (شيخ الحنابلة) وروى أيضاً عن إبراهيم الحربي أحد أئمة الحديث أنه قال: قبر معروف ـ يعني الكرخي الترياق المجرب. وغير ذلك كثير. وقد قال الإمام النووي في أذكاره ص: 194 ـ 195 أثناء الكلام على زيارة القبر الشريف ما نصه: (ثم ليرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله فيتوسل به في حق نفسه، وليشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى. ا هـ .قال ابن علان في شرحه: (لأن التوسل به سيرة السلف الصالح، الأنبياء والأولياء وغيرهم).ا هـ. وعلى كلٍّ فإن المسلم إذا تصور أن التوسل بالأنبياء والأولياء وغيرهم من صالحي المؤمنين، سواء أحياء أو أمواتاً، إنما هو في الحقيقة توسل بما لهم من عظيم المنزلة عند الله سبحانه كما سبقت الإشارة إليه، وأن هذا التوسل إنما هو من قبيل التوسل بالأعمال الصالحة التي لا خلاف في جواز التوسل بها إلى الله: عندئذ يندفع الإشكال ويزول الريب بإذن الله سبحانه. فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. والله تعالى أعلم
هل التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والصالحين مشروع، ولا غبار عليه؟ وهل التوسل بهم يكون في حالة حياتهم فقط؟ أم في حياتهم وبعد موتهم أيضاً؟ وما دليل ذلك؟ وهل تَوَسْلَ أحد من الصحابة أو التابعين؟
جوابهم : -
نعم يجوز التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والأولياء والصالحين، وهو مشروع لقوله تعالى في سورة الإسراء: أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب فالوسيلة هي القربة وقيل الدرجة وقوله: أيهم أقرب معناه: ينظرون أيهم أقرب إلى الله فيتوسلون به، كما قال البغوي في تفسيره وغيره وأيضاً لما أخرجه الترمذي وابن ماجه في سننهما والنسائي في عمل اليوم والليلة والطبراني والحاكم والبيهقي وصححوه عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي فقال: اُدع الله أن يعافيني قال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك" قال: فادعه قال: " فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه فيَّ" قال عثمان بن حنيف: والله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط. والأدلة في ذلك متضافرة من الكتاب والسنة الصحيحة. ولا فرق في ذلك بين حياتهم ومماتهم، ذلك لأن التوسل في الحقيقة ليس بذواتهم المجردة وإنما هو بما لهم من منزلة ومكانة وجاه عند الله سبحانه وهو باق بعد الممات كما كان في الحياة، وأيضاً لعموم الآية السابقة وغيرها كقوله: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توَّاباً رحيماً وكلٌ من المجىء والاستغفار واقع في سياق الشرط، والفعل في سياق الشرط يدل على العموم كما هي القاعدة الأصولية، لا نعلم في ذلك خلافاً. ومما يؤيد ذلك الحديث المتقدم أن النبي علَّم الضرير الدعاء ولم يقيده بزمن أو يخصصه بأحد وهذا ما صرحت به رواية ابن أبي خيثمة الصحيحة: أن النبيَّ لمَّا علم الضرير الدعاء المذكور قال له: "وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك" فهذا إذنٌ صريح من المعصوم بالتوسل في سائر الأحوال، وهذا الذي فهمه عثمان بن حنيف راوي الحديث فقد علَّمه صاحب حاجة إلى سيدنا عثمان بن عفان في عصره كما روى الطبراني وصححه والبيهقي. ولو كان مقتصراً على حياته كما قال بعض من خالف لما جاز لعثمان بن حنيف أن يُعَلِّمَه إياه بعد وفاة النبي وهذا أيضاً ما فهمه الحفاظ والمحدثون فإنهم في ما اطلعنا عليه من مصنفاتهم الحديثية والفقهية يوردون هذه القصة تحت باب الدعوات والأذكار غالباً. وأما الأدلة من الآثار فهي كثيرة أيضاً، منها: توسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه في الاستسقاء كما في صحيح البخاري، وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح عقب هذه القصة ما نصه: يستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والخير وأهل بيت النبوة. ا هـ . ومنها: مارواه الخطيب: 1/120 في تاريخ بغداد بسند صحيح إلى أحمد بن جعفر قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول: (ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر ـ يعني الكاظم ـ فتوسلت به إلا سهل الله لي ما أحب) والخلال هذا (شيخ الحنابلة) وروى أيضاً عن إبراهيم الحربي أحد أئمة الحديث أنه قال: قبر معروف ـ يعني الكرخي الترياق المجرب. وغير ذلك كثير. وقد قال الإمام النووي في أذكاره ص: 194 ـ 195 أثناء الكلام على زيارة القبر الشريف ما نصه: (ثم ليرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله فيتوسل به في حق نفسه، وليشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى. ا هـ .قال ابن علان في شرحه: (لأن التوسل به سيرة السلف الصالح، الأنبياء والأولياء وغيرهم).ا هـ. وعلى كلٍّ فإن المسلم إذا تصور أن التوسل بالأنبياء والأولياء وغيرهم من صالحي المؤمنين، سواء أحياء أو أمواتاً، إنما هو في الحقيقة توسل بما لهم من عظيم المنزلة عند الله سبحانه كما سبقت الإشارة إليه، وأن هذا التوسل إنما هو من قبيل التوسل بالأعمال الصالحة التي لا خلاف في جواز التوسل بها إلى الله: عندئذ يندفع الإشكال ويزول الريب بإذن الله سبحانه. فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. والله تعالى أعلم
0 التعليقات:
إرسال تعليق
يشرفني طرح أرائكم سادتي