وقد قدم الصوفية تفسيرات متعددة لهذه النسبة التى تميروا بها عن غيرهم من الفرق والطوائف التى ظهرت في المجتمع الإسلامى، ومن هذه التفسيرات ما يلى:
إن التصوف مأخوذ من صفاء الأسرار ونقاء الآثار.
إنه نسبة إلى الصف الأول في الصلاة.
إنه نسبة إلى عمل أهل الصفة من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد لاحظ القشيرى أن هذه التفسيرات ليست صحيحة من الناحية اللغوية.
إن التصوف نسبة إلى صوفة القفا.
إنه منسوب إلى رجل كان يجاور بمكة قبل الإسلام يسمى صوفة بن بشر، وعلق ابن تيمية بأن النسبة إلى هذا الرجل أو إلى قبيلته نسبة ضعيفة "... لأن غالب من تكلم باسم الصوفى لا يعرف هذه القبيلة، ولا يرضى أن يكون مضافا إلى قبيلة في الجاهلية، ولا وجود لها في الإسلام ".
إن هذه التسمية نسبة إلى الصوف ،الذى هو زى الأنبياء، وشعار الصالحين والأولياء، ولباس أهل الزهد والتقشف والتواضع والإقبال على الله ، وهم يتميزون به عن أهل الرغبة في الدنيا. ولا يرفض القشيرى هذا التفسير، ولكنه لا يقبله قبولا تاما، وفى ذلك يقول:"فأما من قال:إنه من الصوف؟ ولهذا يقال:تصوف إذا لبس الصوف كما يقال تقمص إذا لبس القميص؟ فذلك وجه ، ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف ". ومع ذلك يبقى أن هذا التفسير هو أقرب التفسيرات إلى القبول، وإن كان شيوخ التصوف قد أوضحوا أن التصوف يهتم بالجوهر قبل المظهر ويعنى بالحقائق والأعمال أكثرمن عنايته بالرسوم والأشكال.
تعريفات التصوف
وأما تعريفات التصوف فإنها كثيرة جدا، وقد ذكر السهروردى أن له أكثر من ألف تعريف بل ذكرالشيخ زروق أنها تبلغ نحو الألفين وترجع هذه الكثرة إلى أن كل واحد ممن عرفوا التصوف كان يعبر عن ذوقه ووجده وحاله ، ولهذا اختلفت العبارات ، لأن الطرق إلى الله تعالى بعدد النجوم أو بعدد أنفس السالكين. ويمكن تصنيف هذه التعريفات إلى أنواع بحسب الطابع الغالب عليها:
(أ) فبعضها يركز على الجانب العملى، الذى يهتم بمجاهدة النفس ومقاومة شهواتها ، وذلك كالذكر والمراقبة ، ومحاسبة النفس والزهد في الدنيا، ومن نماذج هذه التعريفات:
التصوف:قلة الطعام ، والسكون إلى الله تعالى والفرار من الناس.
التصوف:ضبط حواسك ، ومراعاة أنفاسك ، وهكذا.
(ب) وبعضها يتجه إلى ملاحظة الجانب الأخلاقى، الذى هو من أهم أركان التصوف ، ومن هذه التعريفات:
التصوف:هو الدخول في كل خلق سَنِىّ، والخروج من كل خلق دنىّ.
التصوف:خلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاء.
وقال الهروى الأنصاوى: واجتمعت كلمة الناطقين في هذا العلم ان التصوف هو الخلق.
(ج) وكان بعضها يهتم بجانب المعرفة، وهى المعرفة إلالهامية الذوقية التى هى موضع اعتزاز الصوفية وفخرهم. ومن هذه التعريفات ما قال العطار عن علم التصوف الذى هو "ثمرة للعمل والحال ، وليس نتيجة للحفظ والقال ، وإنه من العيان لا من البيان ، ومن الأسرارلا من التكرارومن العلم اللدنى لا من العلم الاكسبى...".
(د) ومن التعريفات ما يجمع هذه الجوانب كلها، ويضيف إليها ضوابط للسلوك المقبول عندهم بما يدفع التهم عن طريق الصوفية، ومن هذه التعريفات تعريف ابن عربي للتصوف.
التصوف: الوقوف مع الآداب الشريعة ظاهرا و باطنا وهي الخلق الإلهية و قد يقال بإزاء إتيان مكارم الأخلاق و تجنب سفسافها.(1)
نشأة التصوف
وقد نشأ التصوف عند المسلمين لأسباب متعددة، بعضها من داخل البيئة الإسلامية،وبعضها من خارجها. وهذا العلم(2) ـ يعني علم التصوف ـ من العلوم الشرعية الحادثة في الملة. وأصله: أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية ، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والاعراضُ عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهدُ في ما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفرادُ عن الخلق والخلوةُ للعبادة. وكان ذلك عامّاً في الصحابة والسلف فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم التصوف. وكان الزهد هو البيئة الطبيعية التي نشأ فيها التصوف ، وكان الزهد نفسه ثمرة لعوامل دينية واجتماعية حيث طرأ على الحياة عند المسلمين أنماط من العيش وصور من السلوك ، لم تكن مألوفة في حياة الصدر الأول من المسلمين الذين كانوا يتميزون بالبساطة والقناعة، والبعد عن التفنن في مطاعمهم ومشاربهم ، أخذا بالورع وخشية من الحساب ، ولكن الحياة تحولت فيما بعد، وعند أهل الترف والغنى إلى نماذج من السرف الفاحش الذى يستثير أهل الفقر والمسكنة، المستمسكين بما كان عليه السلف من زهد وبساطة، وكان ذلك من دواعى نشأة التصوف عند المسلمين.
التصوف تصفية الباطن من
الحقد
الحسد
الغش
الغل
طلب العلو
الكبر
حب الثناء
الرياء
الغضب
الأنفه
الطمع
البخل
تعظيم الأغنياء
الإستهانة بالفقراء
الكشح
عدم التخلي عن الرزائل
عدم حفظ الحواس
عدم مراعاة الأنفاس
الإعراض عن العلل
عدم دوام المراقبة
الموت الإختياري
محاسبة النفس
ملازمة الشيخ
مدوامة الذكر
الأقتصاد في الطعام
عدم الإفتخار بالعلم
عدم الإفتخار بالجاه
عدم الإفتخار بالمال
عدم الإفتخار بالنسب
الجفاء
التدابر
كظم الغيظ
الغرور
البغضاء
ذل النفس
إجتناب الأحداث
ترك مدح النفس
ترك الحزن علي ما فات
عدم الفرح بما آت
إتباع الهوي
ترك الجدال
ترك المراء
الحمد والشكر لله علي كل حال