التقريب بين المدارس الإسلامية
ودور التصوف فيه
الشيخ حسني حسن خير الدين الشريف
شيخ الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية
ودور التصوف فيه
الشيخ حسني حسن خير الدين الشريف
شيخ الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية
تقديم
بقلم سماحة الدكتور
الشيخ نوح علي سلمان القضاة
قاضي القضاة سابقاً ومفتي القوات المسلحة الأردنية الأسبق
الشيخ نوح علي سلمان القضاة
قاضي القضاة سابقاً ومفتي القوات المسلحة الأردنية الأسبق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد طلب مني الأخ الشيخ حسني الشريف حفظه الله أن أقدم لكتابه التقريب بين المدارس الإسلامية ودور التصوف فيه، وموضوع الكتاب يشغل بال المسلمين في هذه الأيام، وقد أحسن الشيخ بارك الله فيه في اختيار هذا الموضوع. وأرجو أن تكون مقدمتي مساهمة في هذا المجال.
فإن الأمة الإسلامية قد فرضت عليها التفرقة، ومزق العدو شملها فصارت فئات متصارعة تصارعاً يشغلها عن دورها المشترك وأقام الأعداء في الأمة من يستفيد من الفرقة ويعيش عليها ولذا فهو يحرص على دوامها، ولم يقف الأمر عند التمزق السياسي بل تعداه إلى التمزق الفكري، اللهم إلاّ الفرقة الناجية. وكل مسلم يعلم أن تفريق المسلمين حرام لأن الله تعالى يقول:{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، ومعلوم أن تفرق الكلمة يؤدي إلى الضياع وهذا ما حذر الله منه فقال: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، وقد ذاقت الأمة مرارة الفشل، ولذا لا يرضى أحد أن يُتهم بأنه سبب التفرّق، ويتبادل المسلمون التّهم بأسباب الفرقة، وإذا أرادت جهة أن تُذهب شعبية جهة اتهمتها بأنها سبب الفرقة.
ومن هنا رأينا من يتهم علماء المسلمين ومذاهبهم بأنهم السبب لينفروا الأمة من علماء الشريعة ويقوودها بعد ذلك بعيداً عن الإسلام، وينصبوا لهم من يفتي بغير علم فيَضِل ويُضِل. وكل منصف يعلم أن فرقة المسلمين ليست بسبب الخلافات المذهبية، فقد نحي الإسلام قسراً عن الحياة العامة وبقى سلوكاً شخصياً لمن شاء، هذه واحدة.
والثانية أن بعض البلدان الإسلامية تتمذهب بمذهب واحد وهي مختلفة سياسياً، فالمغرب العربي كله مالكي أشعري ومع ذلك هو خمس دول وبينها ما لا يخفى والدول الإسلامية كلها سنية إلا واحدة فلماذا تنقسم إلى تيارات ومحاور متصارعة؟.
إن نسبة التفرق إلى المذهب جهل بالحقيقة أو مكر وخبث، ولا يجوز أن يصدق هذه التهمة مسلم، لكن لما قصرت الألسنة عن السياسيين خوفا منهم، استطالت في أعراض المذاهب والعلماء، وليعلم الذين ينالون من العلماء أن لحومهم مسمومة، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب). رواه البخاري.
وقال الإمام الشافعي: إذا لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي، ذلك لأنهم حماة الشريعة وولاؤهم لله فقط ثم لمن أمر الله بموالاته، والذي يتتبع عثراتهم عليه أن يعلم بأن العصمة للرسل والأنبياء، وقد شاهدنا ما فعل الله بمن هتك حرمة العلماء وتجرأ عليهم.
هذا الذي سقته يكفي لتبرئة ساحة العلماء والبحث عن سبب الفرقة عند غيرهم. عند المستفيدين من الفرقة، ومن ذلك يتبرع العلماء حرصاً على دين الأمة ببيان أن المذاهب تجمع ولا تفرق، فهي تتفق على الإيمان بالله الواحد الأحد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. وعلى الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ومحبته ومحبة أهل بيته، والإيمان بعصمة القران وحجيته، وما وراء هذا من فروع.