منتدى الحوار الاسلامي

الاثنين، 22 مارس 2010

تكحيل الـمُقلتين في التوسل بسيد الكونين 
بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ اللهُ تَعَالى :] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [

فَالخِِطابُ هُنَا اولاً للمُؤمنينَ الذِّين صَدَّقُوا اللهَ ورَسُولَهُ فيمَا أتَاهُم بِهِ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ ِمن ِعندِ الله عزَّ وجَلَّ، وقَوْلُهُ ] اتَّقوا اللهَ" يَقُولُ أجيبُوا الله فيمَاأمَرَكُم ونَهَاكُم، وحقِّقوا إيمَانَكُم وتَصديقَكم بِالصَّالِح ِمن أعمَالِكُم، ]ابْتَغُوا إليه الوَسيلةَ [ يقُول اطلُبُوا القُربَة إليهِ بالعمَلبِمَا يُرضيه .
وأمَّا لفظُ الوَسيلَة يُرَادُ بِهِ ثَلاَثُ أمُورٍ، وهي كالأصُول يَتَفرَعُ عَنْهَا جَميعُ أنواع التَّوسُّل المَشْروعة.
الأمرُ الأوَّل:
يُرَادُ بِهَا القُربة، فَعنْ العلاّمة ابن جَرير الطَّبريّ رَحِمَه الله في كِتَابِه ) جَامعُ البَيَان في تَفسير القرآن) عندَ شَرحِهِ لهَذِهِ الآية قَالَ ]الوسيلةُ هي القُربِة[ ، وبِنحو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَال أهْلُ التَأويل؛
فَعنْ مُجَاهد ] وابتَغوا إليهِ الوَسيلة[ قَالَ ( هي القُربة ) وعَن السَّدي ]وابتَغُوا إليهَ الوَسيلة[ قَال " هي المسألةوالقُربَة" وعَن قتَادة ] وابتَغُوا إليهِ الوَسيلَةَ[ أي تَقَرَّبُوا إليهِ بِطَاعتِهِ والعَمَلُ بما يُرضيه، وعن الحَسَن في قَولِهِ ]وابتَغُوا إليه الوَسيلة [ قَال" القُربة "؛ هذا مَا جَاء في التَفسير المُطَوَّل للطَّبري.
الأمْرُ الثَاني:
الوسيلة هي أعلى مَنِْزلة في الجنَّة، وهي مَنِزلةُ سيِّدنَا مُحَمَّد صلّى اللهُ عَليه وسَلَّمَ والدَّليل على ذَلك قولهُ صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ" ...... سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعتي .
الأمرُ الثَالث:
الوسيلةُ هي مَا يُتوصَّلُ بِهِ إلى تَحصيل المَقصُود؛ قَال ابنُ كثير في تَفسيره لهذه الآية ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ[ هي التي يُتَوصَّلُ بِهَا إلى تَحصيل المَقصود، أي كل مَا هُوَ مَحبوب ِعندَ اللهِ ومَشْروع بِكتَابِهِ وسُنَّةِ نَبيِّهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَمَ يَجُوزُ التَّوسُّلُ بِهِ ولا حَرَج . اهـ
فقولُنَا كُلُّ مَا هُو مَحبُوبُ ِعند الله ومَشروع بِكتَابِهِ وسُنَّةِ رَسُولهِ يَجُوزُ التَّوسُلُ بِهِ ، نَعني بِذَلكَ جَوَازُ التَّوسُّلُ بِالخَلقِ ولكِنْ على شَرطِ أنْ يَكُونَ ذَلك التَّوسُّلُ في حُدُودِ الشَّرع الكريم .
والخلقُ صَنْفَان جَوْهرِّيٌ وعَرَضي، فَالجَوهري ِمثلُ الأنْبياء والمُرسَلين عليهم صلوَاتُ اللهِ وسَلاَمُهُ أجمَعين ، وكذا الأوليَاءُ والصَّالحين رضوَانُ اللهِ عليهم، والعَرضي ِمثلُ أعمَال بَني آدم فإنَّها مَخْلوقةٌ بنصِّ القرآن الكريم لقَولِهِ تَعالى:] واللهُ خَلَقَكُم ومَا تَعمَلُون [
وبهذا النَّصِّ القرآني تَكُونُ الأعمَالُ مَخْلوقة كسَائر المخلُوقَات، وبِالصَالح ِمنْها يَجُوزُ التَّوسُّل كَمَا يَجُوزُ بالصَّالح منَ العِبَاد.

***********

شرح المفسرين لقولهِ تعالى ] َلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ...........................[ الآية

قال تعالى : ] َلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً [
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك روى أبو صادق عن علي قال قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال قلت يارسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك َلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تتستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك ومعنى لوجدوا الله توابا رحيما أي قابلا لتوبتهم ( تفسير القرطبي )
وجأء في تفسير ابن كثير عند قوله ] َلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ[الآية يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم .
ولهذا قال لوجدوا الله توابا رحيما وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال :- كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والأكم * نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم * ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال يا عتبي إلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له ،وزاد في سنن الصالحين للباجي وفيه مستغفرا من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربي تفسير الثعالبي و تفسير النسفي .

وجاء في تفسير البيضاوي عن قوله تعالى
َ]كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ[ أي يستنصرون على المشركين ويقولون اللهم انصرنا بنبي آخر الزمان المنعوت في التوراة أو يفتحون عليهم ويعرفونهم أن نبيا يبعث منهم وقد قرب زمانه والسين للمبالغة والإشعار أن الفاعل يسأل ذلك عن نفسه فلما جاءهم ما عرفوا من الحق كفروا به حسدا وخوفا على الرياسة فلعنة الله على الكافرين .
وجاء في تفسير القرطبي عن قوله تعالى ]كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ[ أي يستنصرون والإستفتاح الأستنصار استفتحت استنصرت وفي الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بدعائهم وصلاتهم ومنه فعسى الله أن يأتي بالفتح او أمر من عنده والنصر فتح شيء مغلق فهو يرجع إلى قولهم فتحت الباب وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما نصر الله هذه الأمة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم ورى النسائي أيضا عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبغوني الضعيف فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم قال ابن عباس كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت يهود فعادت يهود بهذا الدعاء وقالوا إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان ألا تنصرنا عليهم قال فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا فأنزل الله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا أي بك يا محمد إلى قوله فلعنة الله على الكافرين .

وجاء في تفسير الجلالين عن قوله تعالى
]كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ[ أي قبل مجيئه يستفتحون يستنصرونه على الذين كفروا يقولون اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث آخر الزمان فلما جاءهم ما عرفوا من الحق وهو بعثة النبي كفروا به حسدا وخوفا على الرياسة
وجاء في تفسير النسفي عن قوله تعالى ]كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ[ يعنى القرآن يستفتحون على الذين كفروا يستنصرون على المشركين إذا قاتلوهم قالوا اللهم انصرنا با لنبى المبعوث فى آخر الزمان الذى نجد نعته فى التوراة ويقولون لأعدائهم المشكرين قد أظل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عادو إرم فلما جاءهم ما عرفوا ما موصولة أى ما عرفوه وهو فاعل جاء كفروا به بغيا وحسدا وحرصا على الرياسة فلعنة الله على الكافرين .

روى البخاري في صحيحه وغيره من حديث سيدنا عبدالله عمر رضي الله عنهما في حديث الشفاعة بلفظ :
( إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيشفع لقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الخلق كلهم )
وهذا صريح في الاستغاثة وهي عامة في جميع الأحوال مع لفت النظر أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية يبلغه سلام من يُسلم عليه وكلام من يستغيث به لان الأعمال تُعرض عليه كما صح فيدعو الله لاصحاب الحاجات .
وانني اعجب كيف يقيس هؤلاء القوم اصحاب الفهم السقيم هذهِ الأمور , فمن المضحك المبكي عندما يُذكر لهم هذا الحديث والذي فيهِ صريح العبارة بالأستغاثه يقلون هذا يوم القيامة ! فيا سبحان الله هل التوسل والتبرك والإستغاثة بالنبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ والرُسل عليهم السلام شركاً محرماً في الدنيا , جائزاً في الآخرة ؟ عجباً أىُ فهمٍ سقيم هذا الذي يجعل التوسل والإستغاثة جائزة في اليوم الذي نحنُ احوج ما نكون فيهِ الى اخلاص التوحيد للمولى سبحانهُ وتعالى , لا سيما وانهُ في ذلك اليوم تتجلى الحقائق وتنكشف الأمور وتُعرف فيهِ حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك قال تعالى : ] فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [

روى الإمام أحمد بسند حسن كما قال الإمام الحافظ ابن حجر في الفتح (8/579)عن الحارث بن حسان البكري رضي الله عنه قال : خرجت أنا العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صاى الله عليه وسلم ...... الحديث وفيه – فقلت – أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد ، قال – أي سيدنا رسول الله - وما وافد عاد ؟ وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه .....الحديث .
وجاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قص على أصحابه قصة السيدة هاجر هي وابنها في مكة قبل أن تبنى الكعبة بعد أن تركهما سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وفي ما قصه أنها لما سمعت صوتاً عند الطفل قالت: (إن كنت ذا غوث فأغث ) فاستغاثت فإذا بجبريل عليه الصلاة والسلام فغمز الأرض بعقبه فخرجت زمزم .
ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أنها كفرت ولم ينبه أن تلك الاستغاثة منها كفر البتة . وهي تعلم أن صاحب الصوت لم يكون رب العالمين المنزه عن الزمان والمكان .

تعليم النبي r الاعمى التوسل بهِ r

حديث الاعمى

عَن عُثْمَانَ بنِ حُنيفٍ : "أنَّ رجلاً ضريرَ البصرِ أتى النَّبيَّ صَلَّى للَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقَالَ: ادعُ اللَّهَ أنْ يُعافيني، قَالَ إنْ شِئتَ دَعوتُ، وإنْ شِئتَ صبرتَ فهوَ خيرٌ لكَ، قَالَ فادعُهْ، قَالَ فأمرَهُ أنْ يتوضَّأ فيُحسنَ وُضُوءَهُ ويدعو بهَذَا الدُّعاءِ: الَّلهُمَّ إنِّي أسألكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ مُحَمَّد نبيِّ الرَّحمةِ يا محمد إنِّي توجَّهتُ بكَ إِلى رَبِّي في حاجتي هذِهِ لتُقْضَى لي، الَّلهُمَّ فَشَفِّعْهُ فيَّ" .
حديث صحيح أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات ، وابن ماجه باب ما جاء في صلاة الحاجة ، والنسائي في عمل اليوم والليلة ، والحاكم في المستدرك وابن خزيمة في صحيحه ، والطبراني في الدعاء وغيرهم .

فقولهُ ( اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة - فهذا توسل – وقولهُ يا محمد إني أتوجه بك الله في حاجتي لتقضى -فهذهِ إستغاثة صريحة )
قال الامام العلامة الشوكاني في كتابه تحفه الذاكرين بعد ان ذكر حديث الاعمى قال :
وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله مع الاعتقا د ان الفاعل هو الله سبحانه وتعالى . وله كلام جميل في التوسل في رسالته الدر النضيد في اخلاص كلمه التوحيد لمن اراد الفائده .

ان حُفاظ الحديث ونقاده فهموا من الحديث العموم وليس الخصوص مالم يرد نص بالتخصيص حيث ترجموا عليه في كتبهم بتراجم تفيد ذلك فلقد اخرجهُ لامام الحاكم في المستدرك في كتاب صلاه التطوع دعاء رد البصر
والامام المنذري في الترغيب والترهيب الترغيب في صلاه الحاجه ودعائها
والحافظ السيوطي في صلاه الحاجه
والامام النووي في الاذكا ر في صلاه الحاجه
والامام الهيثمي في مجمع الزوائد في صلاه الحاجه
والامام البيهقي في كتاب الدعوات
والحافظ الدمياطي في المتجر الرابح ابواب صلاة التطوع , ثواب من كانت له حاجه فصلى هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء
وابن السني في كتاب عمل اليوم والليله ترجمه باب مايقول لمن ذهب بصره
رواه النسائي في عمل اليوم والليله,
اخرجه الامام الترمذي في سننه كتاب الدعوات
وابن ماجه باب ما جاء في صلاة الحاجة ،

جاء في كتاب قاعده جليله في التوسل والوسيله لابن تيميه.
قال : وروى في ذلك أثر عن بعض السلف مثل ما رواه ابن ابي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء .
حدثنا ابوهشام ، سمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعه يقول : جاء رجل الى عبدالملك بن ابجر (وهو من ائمه التابعين) فجس بطنه فقال بك داء لايبرأ قال ا هو قال الدبيله , قال فتحول الرجل فقال الله الله الله ربي لا اشرك به شيئا اللهم اني اتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمه يامحمد اني اتوجه بك الى ربك وربي يرحمني ممابي , قال فجس بطنه فقال قد برئت ما بك عله . قلت( اى ابن تيمية ) فهذ ا الدعاء ونحوه قد روي انه دعاء به السلف ونُقل عن احمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي في الدعاء ونهى عنه اخرون. ( وهذا غير صحيح حيث لم ينهى احد قبل ابن تيميه ) . من كتاب قاعده جليله في التوسل والوسيله لابن تيميه ص 94 وسئل الشيخ محمد عبد الوهاب في مجموعه المؤلفات القسم الثالث ص 68 التي نشرتها جامعه الامام محمد بن سعود الاسلاميه في اسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب عن قولهم في الاستسقاء :(لا بأس بالتوسل بالصالحين ) وقول أحمد : (يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصه ) مع قولهم : انه لا يستغاث بمخلوق , فقال :-
فالفرق ظاهر جدا , وليس الكلام مما نحن فيه , فكون بعض يرخص بالتوسل بالصالحين , وبعض يخصه بالنبي صلى الله عليه وسلم , واكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه فهده المسأله من مسائل الفقه , وان كان الصواب عندنا قول الجمهور من انه مكروه , فلا ننكر على من فعله , ولا انكار في مسائل الاجتهاد ولكن انكارنا على من دعا لمخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى ويقصد القبر يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر او غير ه يطلب فيه تفريج الكربات واغاثه اللهفات واعطاء الرغبات . فأين هذا ممن يدعو الله مخلصا له الدين لايدعو مع الله أحدا , ولكن يقول في دعائه : اسألك بنبيك أو بالمرسين او بعبادك الصالحين , أو يقصد قبرا معروفا أو غيره يدعو عنده لكن لا يدعو الا الله مخلصا له الدين , فأين هذا مما نحن فيه .
انتهى من فتاوي الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

*************

فلا تغتر اخي حفظك الله بتلبيس هاؤلا القوم الذين يريدون ان يقحموا مسألة التوسل في مسائل العقيدة فيكفرون كل من يتوسل برسول الله صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ , فالتوسل من مسائل الفقه لا من مسائل العقيدة كما نص على ذلك الشيخ محمد عبدالوهاب رحمهُ الله وغيرهُ من الفقها حيثُ انهم يذكرون قصة العتبي والتوسل برسول الله صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ في باب المناسك بعد فصل الحج لا في باب العقائد .
وكما لا يخفى عليك انهُ لايقال في مسائل الفقه ( كُفر وتوحيد ) بل يُقال ( حلال وحرام ) لأن مسائل الفقه هي من المسائل الأجتهادية ولذلك قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب ( فلا ننكر على من فعله ) .

وما هو رايك في قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب (فهده المسأله من مسائل الفقه ) ؟ وقولهُ ايضاً ( ولكن يقول في دعائه : اسألك بنبيك أو بالمرسين او بعبادك الصالحين , أو يقصد قبرا معروفا أو غيره يدعو عنده ) ؟

ومثل ذلك اخي نجد ان الفقهاء يذكرون حديث ( الهم اني اسالك بحق السائلين عليك وحق الراغبين لديك ......... ) حديث الخروج الى المسجد وهو توسل صريح كما ترى يذكرونه في باب الصلاة !

اما حجة من يقول بجواز التوسل بالنبي r في حياته فقط فقد ادعي ماليس بدليل وكانت دعواه مردودة وذلك لأمور عدة منها
1- عمل الصحابة والتابعين وتابع التابعين وغيرهم من العلماء والصالحين كما سأوردهُ لك بعد قليل.
2- ان من يقول بجواز التوسل بالنبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ في حياتهِ فقط فهو انسان مشكوك في عقيدتهِ إذ انهُ يعتقد استقلالية النفع في ذات المصطفى صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ لا في أن النافع والضار هو الله سبحانهُ وتعالى ’ لذلك اعتقد المسكين ان النبي حياً ينفع وميتاً لاينفع , ولذلك اعتقد استقلالية النفع والضر في ذات المصطفى r فقط في حياته , وانهُ لا ينفعهُ بعد موتهِ ! اما نحن فالذي نعتقده وندين الله بهِ هو ان النبي عليه الصلاة والسلام لاينفع ولا يضر في حياتهِ او بعد مماتهِ إلا بأذن الله تعالى ولا إستقلالية للنفع او الضر في أي مخلوق كائن .

التوسل بقبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

* قال ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط، الجزء 1، صفحة 374
وكذلك أيضا ما يروى أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ فشكا إليه الجدب عام الرمادة فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر فيأمره أن يخرج فيستسقي الناس فإن هذا ليس من هذا الباب ومثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ وأعرف من هذه الوقائع كثيرا وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ أو لغيره من أمته حاجته فتقضى له فإن هذا قد وقع كثيرا وليس هو مما نحن فيه وعليك أن تعلم أن إجابة النبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ أو غيره لهؤلاء السائلين ليس مما يدل على استحباب السؤال فإنه هو القائل صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ إن أحدكم ليسألني مسألة فأعطيه إياها فيخرج بها يتأبطها نارا فقالوا يا رسول الله فلم تعطيهم قال يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل وأكثر هؤلاء السائلين الملحين لما هم فيه من الحال لو لم يجابوا لاضطرب إيمانهم كما أن السائلين له في الحياة كانوا كذلك وفيهم من أجيب وأمر بالخروج من المدينة فهذا القدر إذا وقع يكون كرامة لصاحب القبر أما أنه يدل على حسن حال السائل فلا فرق بين هذا وهذا فإن الخلق لم ينهوا عن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد استهانة بأهلها بل لما يخاف عليهم من الفتنة وإنما تكون الفتنة إذا انعقد سببها فلولا أنه قد يحصل عند القبور ما يخاف الافتتان به لما نهي الناس عن ذلك وكذلك ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقي الشياطين والبهائم لها واندفاع النار عنها وعمن جاورها وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى واستحباب الاندفان عند بعضهم وحصول الأنس والسكينة عندها ونزول العذاب بمن استهان بها فجنس هذا حق ليس مما نحن فيه
وما في قبور الأنبياء والصالحين من كرامة الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك .

وقد صحح هذا الاثر ثلاثه من الحفاظ ابن كثير والحافظ ابن حجر و ابن تيميه حيث قال : ومثل هذا يقع كثيرا, واعرف من هذه الوقائع كثيرا فأن هذا قد وقع كثيرا , فجنس هذا حق ؟؟؟

فهل يستطيع المعارضون ان يأتونا بمن ضعف هذا الاثر عن الصحابه من الحفاظ والمحدثين ؟؟؟

* وقال الحافظ أبوبكر البيهقي : أخبرنا أبونصر بن قتادة وأبو بكر الفارسي قالا : حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا أ بو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي r فقال استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم- في المنام فقال ( ائت عمر فأقرئه مني السلام وأخبرهم أنهم مسقون ،وقل له :عليك بالكيس الكيس )، فأتى الرجل فأخبر عمر ،فقال: ( يارب ! ما آلو إلا ماعجزت عنه ) وهذا إسناد صحيح .

كذا قال الحافظ ابن كثير في البداية (ج 1 ص 91 ) في حوادث عام ثمانية عشر .
وهنا اخي حفظك الله ملحـظ بسيط وهو حجة هؤلاء المدلسين بأن التوسل جائز في حياة النبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ وغير جائز بعد مماتهِ ويستشهدون بحديث توسل سيدنا عمر رضي الله عنه بالعباس وعدوله عن التوسل بسيدنا رسول الله صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ ويقولون لو ان التوسل بالنبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ جائز بعد مماتهِ لتوسل بهِ سيدنا عمر بدل ان يتوسل بالعباس .
فأقول اولاً ان هؤلاء القوم ممن لا امانة لهم في النقل , فلماذا يخفون اولاً السبب الرئيسي لتوسل سيدنا عمر بالعباس والذي كان السبب الحقيقي فيهِ هو اتيان ذلك الرجل والذي هو ( الصحابي الجليل بلال بن حارث المزني كما صرح بذلك أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري باب الأستسقاء ) الى قبر النبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ كما في الأثر الذي ذكره الحافظ أبوبكر البيهقي قبل اسطر .
ثم ان سيدنا عمر معروف بالقوة والبطش وعدم الخوف في الله لومة لائم , فكيف لاينكر على الصحابي الجليل بلال بن حارث المزني المجي الى قبر النبي والتوسل بهِ ويقرهُ على ذلك الشرك كما يزعمون ؟ بل بكى وقال ( يارب ! ما آلو إلا ما عجزت عنه ) .

فهؤلاء القوم دائما ما يذكرون توسل توسل سيدنا عمر ويخفون اول الأثر , وسبب اتيان سيدنا عمر العباس وتوسلهِ بهِ ! ثم إن حقيقة توسلهُ بالعباس انما هو حقيقةً توسل بسيدنا رسول الله صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ فقد قال ( الهم انا كنا نتوسل اليك بنينا فتسقنا وانا نتوسل اليك بعم نبيك فاسقنا ) فأعاد سيدنا عمر السبب في التوسل بالعباس لقرب العباس من رسول الله , وإلا لماذا لم يقل ( الهم انا كنا نتوسل اليك بنينا فتسقنا وانا نتوسل إليك بالعباس فاسقنا ) ؟

,ولذلك قال العباس بن عبد المطلب كما في البخاري 2(577 (– لما وقف يستسقى للمسلمين : (( اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ، ولم يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب و نواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا الغيث )) ، قال الراوي : فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض ، وعاش الناس ))

ثم ان كانوا هؤلاء القوم صادقين بأنهم يقولون بجواز التوسل بالأحياء فهل يستطيعون ان يقولوا بكل جرائة امام الملاء ( اللهم انا نسألك و نتوسل اليك بسيدنا عيسى ابن مريم ) فسيدنا عيسى عليه السلام حيٌ لم يمت اليس كذلك ؟!!! هذه لطيفة أردت توضيحها .

* وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح قال حدثنا أبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح السمان عن مالك الدار – وكان خازن عمر – قال أصاب الناس قحط في زمان عمر رضي الله عنه فجاء رجل إلى قبر النبي صلَّى اللهُ عَليه وسَلَمَ فقال :يارسول الله ! استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له :ائت عمر الحديث.

وقد روى سيف في الفتوح : أن الذي رأى في المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة ، صرّح بذلك امير المؤمنين الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب لاستسقاء ص 415 ج 2 ).
ولم يقل أحد من الأئمة الذين رووا الحديث ولا من جاء بعدهم ممن مر بتصانيفهم من الأئمة أنه كفر وضلال ولاطعن أحد في متن الحديث ، وقد أورد هذا الحديث ابن حجر العسقلاني وصحح سنده كما تقدم ، وهو في علمه وفضله ووزنه بين حفاظ الحديث مما لايحتاج إلى بيان وتفصيل .

التعريف بمالك الدار
وللأسف حاول الكثير من الأغمار تضعيف هذا الأثر لوجود مالك الدالر في سندهِ , وهذهِ حجة ضعيفة لا تقوم لها قائمة
فتصريح المنذرى والهيثمي بأنهما لا يعرفانه ليس بحجة :-
و نقول للباحث عن الحق ان المنذرى والهيثمي لم يصرحا بتوثيق له أو تجريح لأنهما لا يعرفانه . لكن هناك من يعرفه وهو خليفة المسلمين عمر بن الخطاب و ابن سعد وعلى ابن ألمديني وابن حبان والحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ ابن كثير حيث قال وهذا إسناد صحيح وغيرهم الكثير ممن صحح هذا الإسناد .
فهل يُنقل كلام من عرفه أم كلام من جهله ؟ ! ! .
ويكفيني ان أقول في مالك الدار ان ابن سعد قال في الطبقات ( 5 / 12 ) مالك الدار مولى عمر بن الخطاب روى عن ابي بكر وعمر ثم قال وكان معروفا .

وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته ترجمة رقم ( 8356 ) : له ادراك اي انه معدود من الصحابة ويكفيه في ذلك توثيقا ثم ذكر أنه روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان وابناه عون و عبد الله ابنا مالك و عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي .

ثم قال : قال علي بن المدينى : كان مالك الدار خازنا لعمر . أهـ بمعناه ملخصاً .
وبذلك نعلم ان سيدنا عمر قد وثقه إذ قد ولاهُ بيت مال المسلمين وفي ذلك اقوى توثيق له ايضأ . - وقد نقل الحافظ الخليلي في كتابه الارشاد الاتفاق عل توثيق مالك الدار فقال هناك : " متفق عليه أثنى عليه التابعون " .
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

************

* وقال الامام الحافظ الدارمي في كتابه [ السنن ] :
[ باب ما اكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته] حدثنا ابو لنعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرو ابن مالك البكرى حدثنا ابو الجوزاء اوس بن عبدالله قال قحط اهل المدينة قحطا شديد فشكوا الى عائشة فقالت: انظروا قبرالنبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوا الى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الابل ( وتفتقت من الشحم فسمى عام الفتق ومعنى كوا أي نافذة) اهـ . سنن الدارمي ج 1 ص 43.
فهذا توسل بقبره {صلى الله عليه وسلم لا من حيث كونه قبرا ، بل من حيث كونه ضم جسد اشرف المخلوقين وحبيب رب العالمين فتشرف بهذه المجاورة العظيمة واستحق بذلك المنقبة الكريمة .

تخريج هذا الحديث الذي رواه الامام الدارمي :
ابو النعمان يقال له محمد ابن الفضل ابو النعمان يقال له عارم السدوسي اخرج له البخاري في الايمان وغيره وهو من شيوخ البخاري.

وقال الذهبي : لم يقدر ابن حبان ان يسوق له حديثا منكرا والقول فيه ما قال الدار قطني . قال الدار قطني في عارم تغيّر بأخره وما ظهر لهُ بعد اختلاطه حديث منكر وهو ثقه . ففهم

اما سعيد بن زيد أبو الحسن أبو عبدالله فهوأخو حماد ابن زيد أبو الحسن قال أبو عبد الله: أخرج البخاري عنه في الجامع. قال البخاري: حدثنا مسلم حدثنا سعيد ابن زيد: أبو الحسن صدوق، حافظ ، وقال فيه الحافظ في ( التقريب ) صدوق له اوهام , وقال احمد ليس به بأس وهو من رجال مسلم في صحيحه وثقه يحى بن معين إمام الجرح والتعديل.

اما عمرو ابن مالك النكري
كنيته أبو مالك من أهل البصرة يروي عن أبي الجوزاء روى عنه حماد ابن زيد وجعفر ابن سليمان وابنه يحيى ابن عمرو ويعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه مات سنة تسع وعشرين ومائة. ثقات ابن حبان . وروى له البخاري في ( افعال العباد ) والاربعه من تهذيب الكمال صدوق له اوهام . ( وهي من صيغ التوثيق لا من صيغ التضعيف ) من تقريب التهذيب
وقال الإمام الحافظ الذهبي في الميزان ( 3 / 286 ) عنه : ثقة . اهـ وقد صحح الحفاظ حديثه.
أبو الجَوْزاء أوسُ بن عبد الله الرّبَعيُّ البصريُّ. مِن كبار العلماء.

حدَّث عن عائشة، وابنِ عبَّاس، وعبد الله بن عمرو بن العاص. ورو
ى له البخاري في صحيحه حديث رقم 4587 عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما وكذلك روى له مسلم في صحيحه حديث رقم 498 عن سيدتنا عائشه رضي الله عنها.

هذا تخريج سند حديث الدارمي وكلهم من رجال البخاري ومسلم فالسند متصل ورجاله رجال الصحيح فمن حاول أن يطعن فيه فقد حاول الطعن في صحيح البخاري ومسلم .

وفي جامع الاحاديث والمراسيل ص248 ج 8
في روايه عن ابي خالد ان عمر رضي الله عنه خطب ام كلثوم بنت ابي بكر الى عائشه رضي الله عنها وهي جاريه فقالت اين المذهب بها عنك فبلغاها ذلك فاتت عائشه فقالت تنكحيني عمر ........ والله لئن فعلتِ لاذهبن واصيحن عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

فهل تراهم سكتوا عن باطل ؟ أم أن أم كلثوم و أخت عائشة وأسماء ذات النطاقين من المشركات حاشاها أن تكون كذلك – والذين يقذفون الناس بالشرك من كبار المؤمنين ؟

توسل المسلمين به صلى الله عليه وسلم يوم اليمامة :

ذكر الحافظ ابن كثير ان اشعار المسلمين في موقعة اليمامة كان (( يا محمداه))
قال ما نصه : وحمل خالد ابن الوليد حتى جاوزهم وسار لجبال مسيلمة وجعل يترقب ان وصل إليه فيقتله ثم رجع ثم وقف بين الصفين ودعا البراز : وقال : انا ابن لوليد العود انا ابن عامر وزيد ، ثم نادى بشعار المسلمين ، وكان شعارهم يومئذ ( يا محمداه ) . ( البداية والنهاية المجلد 6 صفحة 32

التوسل به صلى الله عليه وسلم في المرض والشدائد

عن الهيثم بن خنس قال: كنا عند عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – فخدرت رجله فقال له رجل : اذكر احب الناس إليك ، فقال : يا محمد ، فكانهما نشط من عقال .

وعن مجاهد قال : خدرت رجل عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال له اين عباس : اذكر احب الناس اليك فقال : محمد صلى الله عليه وسلم فدهب خدره . ذكره ابن تيميه في الكلم الطيب في الفصل السابع والربعين ص 165 فهدا توسل في صورة النداء .

التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم

وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لله ملائكه في الأرض سوى الحفظه يكتبون ما يسقط من ورق الشجر , فإذا أصاب أحدكم عرجه بأرض فلاة فلينادِ أعينوني يا عباد الله ) رواه الطبراني ورجاله ثقات .
فهذا دليل صريح على جواز الاستغاثة اذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصح من ضاق به الحال اذا انتقلت دابته وهو أحوج ما يكون إليها بان يستغيث بمن لايرى ولا يعلم أن يمسك لهُ دابته فهل هذا المستغاث به هو الذي أمسك بقدرته أم بأقدار الله تعالى له ؟ .

وعلق النووي على هذا الحديث بقوله : ( حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم وناهيك بمن يقول عنه النووي أنه من شيوخنا الكبار في العلم – أنه أفلتت له دابه أظنها بغله وكان يعرف هذ الحديث فقاله فحبسها الله عليهم في الحال ) ويضيف متحدثا عن نفسه : ( وكنت أنا مرة مع جماعه فانفلتت منها بهيمه وعجزوا عنها فقلته فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام ) .

وروى ابن مفلح هذا الحديث في الاداب وعلق عليه بقوله قال عبد الله ابن الامام أحمد سمعت أبي يقول :حججت خمس حجج فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا فجعلت أقول :ياعباد الله دلوني على الطريق فلم أزل أقول يا عباد الله دلوني على الطريق فلم أزل على ذلك حتى وقعت على الطريق )
فدل هذا الحديث على جواز الاستغاثة وأن هنالك من أقدره الله تعالى على الانقاذ من المهالك والشدائد بكيفيات عدة منها التحكم في المستغيث وتوجيهه حتى يصل مأمنه .

وقد نقل أئمة الحنابله جواز التوسل عن احمد بن حنبل
1- ( قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وجزم في المستوعب وغيره ) المبدع
2- (قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره) الفروع لابن مفلح
3- ( قال الإمام أحمد للمروذي يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره) الانصاف للمروذي
4- ( قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي أنه يتوسل بالنبي في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره ) كشاف القناع لشيخ منصور البهوتي .

التوسل باثار الأنبياء عليهم السلام

قال تعالى : ] وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌمِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [
قال الاحافظ ابن كثير في التاريخ : قال ابن جرير عن هذا التابوت : وكانوا إذا قاتلوا احد من الاعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبه الزمان كما تقدم ذكره , فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينه والبقيه مما ترك ال موسى وال هارون فلما كان في بعض حروبهم مع اهل غزه وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخده فانتزعوه من أيديهم .
قال ابن كثير : وقد كانو ينصرون على أعدائهم بسببه , وكان فيه طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء . ( البدايه ج 2 )
وقال ابن كثير في التفسير : كان فيه عصا موسى وهارون ولوحان من التوراه وثياب هارون , ومنهم من قال : العصا والنعلان . تفسير ابن كثير ج1
وقال القرطبي : والتابوت كان من شأنه فيما ذكر انه انزله الله على ادم عليه السلام فكان عنده الى أن وصل الى يعقوب عليه السلام فكان في بني اسرئيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقه وسلبوا التابوت منهم . تفسير القرطبي ج 3
وهذا في الحقيقه ليس إلا توسلاً باثار اولئك الأنبياء .

توسل النبي صلى الله عليه وسلم بحقه وحق ألانبياء

جاء في مناقب فاطمه بنت اسد أم علي بن ابي طالب أنها لما ماتت حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لحدها بيده واخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه فقال : ( الله الذي يحي ويميت وهو حي لايموت اغفر لامي فاطمه بنت اسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبلي فإنك ارحم الراحمين, وكبر عليها اربع وادخلوها اللحد هو والعباس وابوبكر الصديق رضي الله عنهم )) رواه الطبراني في الكبير والاوسط . .. وفيه روح بن الصلاح وثقه ابن حبان والحاكم وابو حاتم . وابو حاتم من الطبقه التي قال فيها الذهبي اذا وثق احدهم شخص فعض على قوله بناجذيك))

التوسل والتبرك بقبور الأانبياء و الصالحين عند علماء الاسلام على ممر القرون

قال الحافظ ابوبكر ابن المقرى في مسند اصبهان كنت انا والطبراني و ابو الشيخ في مدينه النبي صلى الله عليه وسلم فضاق بنا الوقت فوصلنا ذلك اليوم فلما كان وقت العشاء اتيت الى القبر الشريف وقلت يارسول الله الجوع الجوع فقال لي الطبراني اجلس فاما ان يكون الرزق او الموت فقمت انا وابو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له فاذا معه غلامان بزنبلين فيها شي كثير فقال ياقوم شكوتم الى النبي صلى الله عليه وسلم فاني رايته يامرني بحمل شي اليكم .
فهؤلء ثلاثه من كبار حفاظ السنه وعلمائها وهم الحافظ ابن المقرى والحافظ الطبراني والحافظ ابو الشيخ
وذكرها الامام ابن الجوزي في كتابه الوفاء بتعريف فضائل المصطفى و نقل مثلها الحافظ السخاوي في القول البديع .
وفي طبقات ابن سعد قال كذلك ثبت ان بلال مرغ خديه على عتبات الحجره النبويه باكيا بين يدي الصحابه رضي الله عنهم يوم عاد من الشام الى المدينه
وفي خلاصه الوفا للسيد السمهودي مانصه : وعن اسماعيل التيمي قال في ذلك فقال كان ابن المنكدر يصيبه الصمات فكان يقوم فيضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعوتب انه يستشفي بقبر النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال الحافظ القسطلاني في المواهب اللدنيه : وينبغي لزائر ان يكثر من الدعاء والتضرع والاستغاثه والتشفغ والتوسل به صلى الله عليه وسلم فجدير بمن استشفع به ان يشفعه الله تعالى فيه
وقد نقل الحافظ العراقي في فتح المتعال بسنده ان الامام احمد بن حنبل اجاز تفبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلم
وفي الحكايات المنثوره الحدث الحافظ الضيا المقدسي للامام ان الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي اصيب بدمل اعجزه علاجه فمسح به قبر الامام احمد بن حنبل تبركا فبرىْ .
وفي شرح الشفاء للإمامين الشهاب الخفاجي وملا علي قاري يقول وقبر الإمام الجليل ابن فورك بنيسابور يزار ويستجاب عنده الدعاء
وفي تاريخ الامام الحافظ الخطيب البغدادي حيث روى بسنده ان الإمام الشافعي كان يتبرك بزياره قبر الإمام ابي حنيفه مده اقامته بالعراق
وقال ابن حجر كذلك في الخيرات الحسان : إن الإمام الشافعي كان يتوسل بالامام أبي حنيفة يجيء الى ضريحه يزوره ويسلم عليه .
وذكر ذلك المحدث عبدالله بن صديق ألغماري وهم من ائمه الشافعية
روي عن الربيع بن سليمان قال حججنا مع الشافعي فما ارتقى جبلا ولا هبط واديا الا وهو يبكي وينشد

ال الــنبي ذريـعـتي **** وهموا إليه وسيلتي

ارجو بأن أعطى غدا **** بيد اليمين صحيفتي

ديوان الشافعي

* واخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن الربيع بن سليمان قال ( إن الشافعي رحمه الله تعالى خرج الى مصر فقال : لي ياربيع خد كتابي هذا فامض به وسلمه الى ابي عبدا لله ( احمد بن حنبل ) واتني بالجواب , قال الربيع : فدخلت بغداد ومعي الكتاب فصادفت احمد بن حنبل في صلاة الصبح , فلما أنفتل من المحراب سلمت اليه الكتاب وقلت له: هذا كتاب أخيك الشافعي من مصر فقال لي احمد : نظرت فيه ؟ فقلت :لا فكسر الخاتم فقراء وتغرغرت عيناه فقلت له : ماذا فيه يا ابا عبدا لله ؟ فقال : يذكر فيه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: ( اكتب الى ابي عبدالله فاقرأ عليه السلام , وقل له : إنك ستمتحن وتدعى الى خلق القران فلا تجبهم , فسيرفع الله لك علما إلى يوم ألقيامه ) قال الربيع : فقلت له : البشارة يا أبا عبدا لله فخلع احد قميصيه الذي يلي جلده فأعطانيه , لأخذت الجواب وخرجت الى مصر وسلمته الى الشافعي , فقال ما الذي أعطاك ؟ فقلت : قميصه , فقال الشافعي : ليس نفجعك به ولكن بُلهُ وادفع إلي الماء لأتبرك به)

وفي رواية : ( قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : ( لا نبتاعه منك ولا نستهديه ولكن اغسله وجئنا بمائه , قال : فغسلته , فحملت ماءه اليه فتركته في قنينه , وكنت أراه في كل يوم يأخذ منه ويمسح على وجهه تبركاً باحمد بن حنبل )

اخرجه ابن الجوزي في مناقب احمد بن حنبل .

وروي عن احمد بن حنبل رحمه الله تعالى ( انه غسل قميصا للشافعي وشرب الماء الذي غسله به )
ذكر الامام الذهبي في تذكره الحفاظ في ترجمه صالح بن احمد التميمي الهمداني السمسار الحافظ ان الدعاء عند قبره مستجاب
* وذكر الإمام ألسبكي في طبقات الشافعية في ترجمه الغزالي الكبير ان من كان به هم ودعاء عند قبره استجيب له . وكذلك في ترجمه ابن فورك ان قبر ابن فورك بالحيرة يستسقى به ويستجاب الدعاء عنده

* وقال العلامة المجتهد تقي الدين ألسبكي ما نصه : (( اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعرف من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء من جاء فتكلموا في ذلك بكلام يلبسون فيه على الضعفاء الأغمار وابتدعوا ما لم يسبق إليه في سابق الأعصار ولهذا طعنوا في الحكاية التي تقدم ذكرها عن مالك فإن فيها قول مالك للمنصور : استشفع به ،

*وقال نور الدين ملا علي القاري الحنفي في شرح المشكاه ما نصه قال شيخ مشايخنا علامة العلماء المتبحرين شمس الدين بن الجزري في مقدمة شرحه للمصابيح المسمى بتصحيح المصابيح : إني زرت قبره بنيسابور - يعني مسلم بن الحجاج القشيري - وقرأت بعض صحيحه على سبيل التيمن والتبرك عند قبره ورأيت ءاثار البركة ورجاء الإجابة في تربته ))آه .

*وفي فتاوى شمس الدين الرملي الملقب بالشافعي الصغير ما نصه سئل عما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد : يا شيخ فلان ، يا رسول الله ، ونحو ذلك من الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين فهل ذلك جائز أم لا ؟ وهل للرسل والأنبياء والأولياء والصالحين والمشايخ إغاثةٌ بعد موتهم ؟ وماذا يرجح ذلك ؟ فأجاب : بأن الأستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة ، وللرسل والأنبياء والأولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم ، لأن معجزة الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بموتهم ، أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم يصلون كما وردت به الأخبار ، وتكون الإغاثة منهم معجزة لهم ، وأما الأولياء فهي كرامة لهم فإن أهل الحق على أنه يقع من الأولياء بقصد وبغير قصد أمور خارقة للعادة يجريها الله تعالى بسببهم )) اه..

*وقال ايضاً في مقدمة كتابه"غاية البيان في شرح زُبَد ابن رسلان" داعياً: "والله أسأل (((وبنبيه أتوسل))) أن يجعله (أي عمله في هذا الكتاب) خالصاً لوجهه الكريم".

*وقال ابن الحاج المالكي المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل ما نصه فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب ، إذ إنها أعظم من الجميع ، فليستبشر من زاره ويلجأ الى الله تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام مَنْ لم يزره ، اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك . ءامين يا رب العالمين . وقال فمن توسل به , أو استغاث به , أو طلب حوائجه منه فلا يرد ولا يخيب لما شهدت به المعاينة "
ثم قال بعد ذلك ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ، ألم يسمع قول الله عز وجل : (( وَلَو أَنَهُم إذ ظلموا أَنفُسَهُم جاءُوك فاستغفروا الله واستغفرَ لهُمُ الرسولُ لَوَجَدوا الله تواباً رحيما )) سورة النساء . فمن جاءه ووقف ببابه وتوسل به وجد الله تواباً رحيما ، لأن الله عز وجل منزه عن خُلْف الميعاد وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه ، فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، نعوذ بالله من الحرمان )) انتهى كلام ابن الحاج .

وقال كذلك في فصل التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم :
"فإن كان الميت المزار ممن ترجى بركته فيتوسل إلى الله تعالى به , وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل يبدأ بالتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم , إذ هو العمدة في التوسل , والأصل في هذا كله , والمشرع له فيتوسل به صلى الله عليه وسلم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين "
وقال أيصا في نفس الكتاب :
"ثم يتوسل بأهل تلك المقابر أعني بالصالحين منهم في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه , ثم يدعو لنفسه ........الى أن قال " ويجأر إلى الله تعالى بالدعاء عندهم ويكثر التوسل بهم إلى الله تعالى ; لأنه سبحانه وتعالى اجتباهم وشرفهم وكرمهم فكما نفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر , فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسل بهم , فإنهم الواسطة بين الله تعالى وخلقه ..........وثم قال : " وما زال الناس من العلماء , والأكابر كابرا عن كابر مشرقا ومغربا يتبركون بزيارة قبورهم ويجدون بركة ذلك حسا ومعنى "
وقال أيضا :
" وَالْكِرَامُ لَا يَرُدُّونَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَلَا مَنْ تَوَسَّلَ بِهِمْ , وَلَا مَنْ قَصَدَهُمْ وَلَا مَنْ لَجَأَ إلَيْهِمْ هَذَا الْكَلَامُ فِي زِيَارَةِ الْأَنْبِيَاءِ , وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عُمُومًا
وقال في المدخل في " فصل زيارة سيد الأولين والآخرين "
( قال مالك في رواية ابن وهب : إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة )
وقال أيصا في نفس الموضع :
( قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه رحمه الله تعالى ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة , والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , والتبرك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدميه , والعمود الذي يستند إليه وينزل جبريل بالوحي فيه عليه وبمن عمره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين , والاعتبار بذلك كله ).

*وفي كتاب المعيار لأبي العباس أحمد بن يحي الوانشريسي المالكي ما نصه : (( وسئل بعض القرويين عمن نذر زيارة قبر رجل صالح أو حي فأجاب : يلزمه ما نذر وإن أعمل فيه المطي . ابن عبد البر : كل عبادة أو زيارة أو رباط أو غير ذلك من الطاعة غير الصلاة فيلزمه الإتيان إليه ، وحديث : ( لا تُعمل المطي )) مخصوص بالصلاة ، وأما زيارة الأحياء من الإخوان والمشيخة ونذر ذلك والرباط ونحوه فلا خلاف في ذلك ، والسنة تهدي اليه من زيارة الأخ في الله والرباط في الأماكن التي يرابط بها وتوقف بعض الناس في زيارة القبور وءاثار الصالحين ، ولا يتوقف في ذلك لأنه من العبادات غير الصلاة ، ولأنه من باب الزيارة والتذكير لقوله صلى الله عليه وسلم (( زوروا القبور فإنها تذكركم الموت )) ، وكان صلى الله عليه وسلم يأتي حراء وهو بمكة ويأتي قباء وهو بالمدينة، والخير في اتباعه صلى الله عليه وسلم واقتفاء ءاثاره قولا وفعلاً لا سيما فيمن ظهرت الطاعة فيه )) اهـ.

وفي ضمن كلام الوانشريسي أن عمل المسلمين جرى على التبرك بزيارة القبور المباركة عكس عقيدة التيميين ، فتبين بذلك أنهم شاذون عن الأمة في نحلتهم المعروفة وهي محاربة التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء ومحاربة زيارة القبور بقصد التبرك ، وقد أسفر الصبح لذي عينين .
قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرٍ مَعْرُوفٍ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ

وقال شيخ القراء الامام الحافظ ابن الجزري في كتابه الحصن الحصين قال : ويتوسل الى الله سبحانه بانبيائه وبا الصالحين . وقال ايضا بستجابه الدعاء عند قبور الانبياء وقال وجرب استجابه الدعاء عند قبور الصالحين .

*قال ابن الجوزي رحمه الله
عن اداب زيارة الحرم الابراهيمي الشريف في فلسطين , وذلك في كتابه " تاريخ بيت المقدس " ثم يدخل إلى قبر الخليل يستقبله من أي نواحيه شاء، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم هذا وهو واقف، وذكر أن يضع يده على القبر وأن يعاتقه ويقف ويسلم كما يسلم على الحي بوقار وسكينة كان يشاهده صلى الله عليه وسلم ويستحب أن يكثر الدعاء عنده "
ثم يقول رحمه الله :
ويتوسل فما توسل به أحداً إلا إجابة الله تعالى، فإذا فرغ من ذلك يمضي إلى قبر سيدنا يعقوب ......... "

*قال العلامه ابن علان الصديقي في شرح الاذكا ر : لأن التوسل به سيره السلف الصالح الانبياء والاولياء وغيرهم .

*وقال الإمام النووي في المجموع (ج8/274) كتاب صفة الحج، باب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم: "ثم يرجع إلى موقفه الأول قُبالة وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم (((ويتوسل به))) في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه".

*ابن قدامة المقدسي يرى جواز التوسل
فلقد جاء في وصيته (ص 92 بتحقيق محمد أنيس مهرات ) ما يلي :
وإذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى تريد طلبها منه فتوضأ ، فأحسن وضوءك ، واركع ركعتين ، وأثن على الله عز وجل ، وصلَ على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قل : لا إِلَهَ إِلاَّ الله الحَلِيمُ الكَريمُ، سُبحَانَ رَبِّ العَرشِ العَظيمِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينِ، أَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائمَ مَغفِرَتِكَ وَالغَنيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لا تَدَعْ لي ذَنباً إِلاَّ غَفَرْتَهْ وَلا هَمَّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهْ، وَلا حَاجةً هِيَ لَكَ رِضاً إِلاَّ قَضَيتَهَا يَا أَرحَمَ الرَّاحمين وإن قلت : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي،وتذكر حاجتك
وروي عن السلف أنهم كانوا يستنجحون حوائجهم بركعتين يصليهما ثم يقول : اللهم بك أستفتح وبك أستنجح ، وإليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أتوجه ، اللهم ذلل لي صعوبة أمري ، وسهل من الخير أكثر مما أرجو ، واصرف عني من الشر أكثر مما أخاف .
وكذلك في كتابه المغني في باب زياره قبر النبي .
هذا رأي ابن قدامة شيخ الحنابلة الذي قال فيه ابن تيمية : ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الشيخ الموفقابن قدامة .

* وقال ابن حجر كذلك في الخيرات الحسان : إن الامام الشافعي كان يتوسل بالامام أبي حنيفة يجيء الى ضريحه يزوره ويسلم عليه ابن حجر رحمه الله في الجوهر المنظم : إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم حسن في كل حال .

*قال صاحب كتاب : " شرح مختصر خلبل للخرشي [ وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ فَجَائِزٌ وَأَمَّا الْإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ كَقَوْلِهِ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا فَخَاصٌّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ]

*قال الامام ابن الهمام : ويسأل الله حاجته متوسلا الى الله بحضرة نبيه صلى الله عليه وسلم , ويسأل النبي الشفاعة فيقول يا رسول الله أسألك الشفاعة يا رسول الله أتوسل بك الى الله .

*وقال الامام السخاوي رحمه الله في كتاب " التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة " : ".. والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف مرسل، وعلى آله وصحبه وتابعيهم المندفع الكرب عن سائر من به، ثم بهم، ببركته توسل . "
وقال السخاوي أيضا في نفس الكتاب راويا عن أحدهم قوله : "

جرمي عظيم يا عفو وإنني**** بمحمد أرجو التمسح فيه

فيـه توسل آدم في دينه **** وقد اهتدى من يقتد بأبيه

و قال في خاتمة شرح ألفية العراقي في الحديث: ( سيدنا محمد سيد الأنام كلهم ((( ووسيلتنا ))) وسندنا وذخرنا في الشدائد والنوازل صلى اللّه عليه وسلم) .

*قال الواقدي في كتاب فتوح الشام راويا ما قال بعضهم : " اللهم إنا نتوسل بهذا النبي المصطفى والرسول المجتبى الذي توسل به آدم فأجبت دعوته وغفرت خطيئته "

*وفي كتاب الفتاوى الهندية (ج1/266) كتاب المناسك: باب: خاتمة في زيارة قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم، بعد أن ذكر كيفية وءاداب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم، ذكر الأدعية التي يقولها الزائر فقال: "ثم يقف (أي الزائر) عند رأسه صلى اللّه عليه وسلم كالأوّل ويقول: اللهم إنك قلت وقولك الحق: "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ .." الآية، وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك، ((( مستشفعين بنبيك إليك ))).

*وفي خاتمة اللغويين الحافظ مرتضى الزبيدي الحنفي، قال في خاتمة "تاج العروس" داعياً: "ولا يكلنا إلى أنفسنا فيما نعمله وننويه (((بمحمد وءاله))) الكرام البررة".

*العالم العلامة الفيومي، قال في خاتمة كتابه "المصباح المنير" داعياً: "ونسأل الله حسن العاقبة في الدنيا والآخرة وأن ينفع به طالبه والناظر فيه وأن يعاملنا بما هو أهله ((( بمحمد وآله ))) الأطهار وأصحابه الأبرار".

*العلامة الفقيه عبد الغني الغنيمي الحنفي صاحب "اللباب في شرح الكتاب"، قال في خاتمة كتابه "شرح العقيدة الطحاوية" داعياً: "وصلِّ وسلم على سيدنا محمد فإنه ((( أقرب من يُتَوسل به إليك )))".

*إمام المحققين الشيخ ابن عابدين الحنفي، قال في مقدمة حاشيته على الدر المختار داعياً: "وإني أسأله تعالى ((( متوسلاً إليه بنبيه المكرم))) صلى الله عليه وسلم".

*الشيخ محمد علاء الدين ابن الشيخ ابن عابدين، قال في خاتمة تكملة حاشية والده داعياً: "كان الله له ولوالديه، وغفر له ولأولاده ولمشايخه ولمن له حق عليه ((( بجاه سيد الأنبياء والمرسلين )))".

*الإمام محمد الزرقاني المالكي، قال في خاتمة شرحه للموطأ داعياً: "وأسألك من فضلك (((متوسلاً إليك بأشرف رسلك))) أن تجعله (أي شرحه للموطأ) خالصاً لوجهك".

*المحدث إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي الشافعي، قال في كتابه "كشف الخفاء ومزيل الإلباس" (ج2/419) داعياً: "وَضعَ الله عنا سيئات أعمالنا بإفضاله الجاري، وختمها بالصالحات ((( بجاه محمد صلى الله عليه وسلم))) سيد السادات .

*وعزز أبوموسى النابغة الجعدي الصحابي الشاعر المعروف بسياط فأنشد كما في الاستيعاب :
فيا قبر النبي وصاحبيه ألا يا غوثنا لو تسمعونا ******* ألا صلى إلهكم عليكم ولا صلى على الأمراء فينا.
والنابغه وأبو موسى الاشعري من جلة الصحابة فلو كان في الاستغاثة حتى كراهه لما قال هذا وأقر ذلك .

*وجاء في كتب السير والمغازي اذ ذكروا ان شعار الصحابه والتابعين في قتالهم لمسيلمه كان ( وامحمداه وامحمداه )
*وما جاء عن الصحابي بلال بن الحرث في عام الرمادة إذ ذبح شاه فوجدها في غاية الهزال والضعف فصاح ( وامحمداه
وامحمداه )
والى هنا اكتفي بهذا العرض المختر والموجر لأقوال هؤلاء الفحول من علماء الأمة وهم ما بين حافظٍ ومحدث وفقيهٍ ومفسر والذين يُعول عليهم في الأخذ ويرجع اليهم في المهمات , هؤلاء الرجال الذين صدقوا مع الله واخلصوا لهُ و لخدمة هذا الدين المتمثل في كتاب الله والسنة المطهرة , هؤلاء الرجال الذين تصدوا لكل دسيسة على الأسلام وبذلوا الروح والمال والوقت من اجلهِ , والذي نجد وللأسف الشديد في نفس الوقت من يتطاول عليهم في كُل ما لا يقبلهُ فكره السقيم ويقول انهم ليسوا بحجة ولكن الحجة في قال الله وقال الرسول , فكأنهُ يرميهم ومن حيثُ لايشعر بأنهم قالوا بغير ما قال الله وقال الرسول ولا حول ولا قوة إلابالله , وهو الذي يتطفل على موائدهم وينهل من معين علومهم , بل وقد يصل به الحال والعياذ بالله الى معارضة بل الى تكذيب قول النبي r ( لا تجتمع امتي على ضلالة ) نسأل الله العافية والسلامة من ذلك .
وعلى حسب مفهوم هؤلاء القوم بان التبرك والتوسل والأستغاثة شرك ينافي التوحيد فهم بلا شك ولا ريب يكفرون جُل ان لم نقل كُل علماء الأمة بل قل كُل من يقول بقولهم ولا حول ولا قوة إلابالله .
قال عليه الصلاة والسلام [ من قال لأخية يا كافر فقد باء بها احدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه ]
ولكن لا يزال في الأمر سعة لكل ذي عقل ودين ان يقرر ويختار ( ومن حقهِ حرية الأختار ) ان يأخذ بقول من يريد , ولكنني قبل ان يختار اودُ ان اذكرهُ بقول المولى سبحانه وتعالى ] أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [
فوالله لقد أزرينا بمقام هؤلاء الائمه حيث ذكرناهم مع هؤلاء المتطفلين

الم تر ان السيف ينقص قدره ****** اذا قيل هذا السيف خير من العصا

ومعذرة اخي على هذهِ الإطالة فلربما تجد فيها الكثير من الأخطاء الإملائية لأنني كتبتها على عجل ولكنني اطلب منك ان تجلس مع نفسك قليلا وتفكر بالعقل الذي وهبك اياه مولاك قائلا لنفسك
1- هل من المعقول ان يكون هؤلاء الجهابذة من علماء الأمة وسلفها الصالح لم يعرفوا معنى التوحيد ؟
2- وهل يُعقل ان يُقع هؤلاء العلماء امة سيدنا محمد r في الشرك والضلالة وهم الذين خدموا السنة المطهرة ؟
3- وهل من المعقول ان يفهم متطفلون هذا الزمان مالم يفهمه هؤلاء الجهابذة من الحفاظ والفقها والمحدثين ؟
4- وهل يشك احدٌ في ان جميع العلماء وطلبة العلم في هذا الزمان ليسوا إلا من المتطفلين على كتب هؤلاء العلماء ؟
اسألة تحتاج الى اجوبة بعد تفكير طويل وتريث قبل ان نرمي الناس بالشرك .

فائده :
قال الامام ابن القيم رحمه الله تلميذ ابن تيميه في كتاب الروح ص 103 وقد تواترت الرؤيا في أصناف بنى آدم على فعل الأرواح بعد موتها ما لا تقدر على مثله حال اتصالها بالبدن من هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد لقليل ونحو ذلك وكم قد رئى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم وعددهم وضعف المؤمنين وقلتهم ومن العجب أن أرواح المؤمنين المتحابين المتعارفين تتلاقى وبينها أعظم مسافة وأبعدها فتتألم وتتعارف فيعرف بعضها بعضا كأنه جليسه وعشيرة فإذا رآه طابق ذلك ما كان عرفته روحه قبل رؤيته قال عبد الله بن عمرو انأرواح المؤمنين تتلاقى على مسيرة يوم وما أرى أحدهما صاحبه قط ورفعه بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأختمها بشيء يُخفيهِ من يزعمون ان التبرك شرك والعياذ بالله الا وهو التبرك بابن تيمية
فقد جاء في كتاب البداية والنهاية 14/136 لأبن كثير تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية والذي لا اظنهُ كاذباً على شيخهِ قال ما نصهُ :-
( وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله ( يعني ابن تيمية )، واقـتسم جماعة بقية السدر الذي غُسل به، ودفع في الخيط الذي كان فيه الزئبق الذي كان في عنقه بسبب القمل مائة وخمسون درهماً، وقيل : إن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها خمسمائة درهماً . وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير وتضرع ، وخُتمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد ، وتردد الناس إلى قبره أياماً كثيرة ، ليلاً ونهاراً ، يبيتون عنده ويصيحون !!! )

منقول من
مادة جمعها
الشيخ
عبد الله بن الشيخ ابي بكر بن سالم الشافعي
كاتب الموضوع الشيخ كشف الستار 
منتدى الحوار الاسلامي

الثلاثاء، 16 مارس 2010

كتاب الاغاثه بأدلة الاستغاثه للشيخ حسن السقاف


الإغاثة

حسن بن علي السقاف

[ 1 ]

الأغاثة بإدلة الاستغاثة بسم الله الرحمن الرحيم جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1410 ه‍ = 1990 م مكتبة الإمام النووي عمان - الأردن - ص ب 925393 هاتف 672011 الأغاثة بأدلة الاستغاثة بقلم حسن بن علي السقاف القرشي الهاشمي الحسيني الشافعي مكتبة الامام النووي عمان



[ 1 ]


(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله وكفى ، والصلاة على عباده الذين آصطفى ، وعلى آلهم وصحبهم ومن لهم اقتفى ، وبعد : فقد ضمني مجلس ببعض الأساتذة الفضلاء ، والإخ‍ وان النجباء فوجه إلي أحد الأساتذة سؤالا ، فقال : بلغنا عنك أنك تجيز الاستغاثة - أي بغير الله تعالى - فهل هذا صحيح ؟ ! فأجبت - نعم أجيزها ومستندي في ذ لك أحاديث صحيحات ، مع أقوال جماعات من العلماء من السلف والخلف وأهل الحديث المرجوع إليهم في المشكلات . فقال ذاك الأستاذ : وما دليلك في ذلك ؟ فقلت ما رواه البخاري في صحيحه مرفوعا : (تدنو الشمس يوم القيامة من رؤوس العباد فبينا هم كذلك إذ آستغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد (صلى الله عليه واله) فيشفع ليقضي بين الخلق) . فأحال أحد الأساتذة الجواب إلى أحد الأساتذة المشتغلين بعلم الحديث ليجيبني على ذلك ، فقال ما ملخصه : إنه لا يوجد دليل في الكتاب ولا في السنة يفيد جواز ذلك ، ولا في أقوال من يرجع إليه بن السلف بل لم ينقل ذلك عن أحد من المعتبرين وطلب مني ذاك الأستاذ أن اعيد نص الحديث ، وأن أعيد نص حديث الأعمى ، وأن أتاكد من سند حديث آخر حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح ، وأضاع البحث في أساس القضية منكرا أن يكون هناك دليل في الاستغاثة والتوسل البتة . وقد قبل باقي الأساتذة الفضلاء بكلامه باعتباره متخصص في علم الحديث ، ولم أقبل ما قاله البتة ، وقد تعجبت منه لأني أعرف أنه مطلع تماما على كثير من الأحاديث الصحيحة الثابتة في الاستغاثة والتوسل ، وخصوصا أنه حاول ختم البحث بقوله :



[ 2 ]


منذ أربعين سنة وأنا أبحث في هذه المسألة وقد تحققت أنه لا دليل ثم ذكر أستاذ اخر : أن نداء الأموات هو دعاء لهم ، وأن الدعاء عبادة ، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : (الدعاء هو العبادة) وجاء : (الدعاء مخ العبادة) وكلمة (يا) أداة نداء ودعاء فهي عبادة . فاجبت الأستاذ : بأن الدعاء له عدة معان منها العبادة والحديث لا يحصر الدعاء بالعبادة باتفاق العلماء ، وقد ثبت في الصحيحين : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لما رأى ولده ابراهيم عليه السلام يجود بنفسه : وإنا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون وكان يأمر من زار المقابر أن يقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . نسال الله العافية لنا ولكم . وعن أبي مويهبة مولى رسول اللة (صلى الله عليه وسلم) : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لأهل البقيع : (السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه . . . .) الحديث رواه الإمام أحمد (3 / 489) والطبراني قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 24) بإسنادين ورجال أحدهما ثقات . وفي مصنف الإمام عبد الرزاق (3 / 576 / حديث 6724 بتحقيق المحدث الاعظمي) بسند صحيح عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه . اه‍ . ولم يكن هذا من النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه عبادة للمنادى مع أنه نداء باتفاق العقلاء . وكذلك قول سيدنا أبي بكر للنبي (صلى الله عليه وسلم) بعد موته بأبي أنت وأمي يا نبي الله ، لا يجمع الله عليك موتتين . (الفتح 3 / 13) رواه البخاري وغيره . فقال الأستاذ : لكنه لم يطلب منه شئ فقلت : نحن نريد أن نثبت نقطتين :



[ 3 ]

الأولى : جواز نداء الأموات وقد فعله النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ، كما تقدم في الأحاديث والآثار مع أقوال العلماء التي قدمتها وثبت في نداء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحاب قليب بدر كما هو ثابت في الصحيحين ، فإذا ثبت أن ذلك جائز انتقلنا إلى النقطة : الثانية : وهي : هل يجوز طلب شئ من النبي بعد وفاته أو أحد من صالحي أمته ؟ ونحن نقول بأن من اعتقد أن المدعو وهو من استغثنا به سواء كان حيا أو ميتا في الدنيا والآخرة له صفة من صفات الربوبية كفر لا محالة وهذا مقرر مشهورة في علم التوحيد . ومن طلب من النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يستغفر له بعد مماته لم يعتقد أنه رب محي مميت خالق رازق حقيقة ، والنبي لا يعلم أمته ما يؤدي إلى الكفر والشرك ، وقد علم الأعمى أن يقول في دعائه : " يا محمد إني أتوجه بك إلى الله في حاجتي " . والمستغيث يقول كذلك ، وأما قول من قال : إن ذلك ذريعة إلى الشرك والأفضل تركه . فنقول له : ليس كذلك ، لأن النبي لا يعلم الأمة ما يؤدي للشرك ، وفي ذلك تعطيل العمل بالأحاديث الصحيحة بحجة أنها ذريعة للشرك وهو كلام خطير جدا . والأئمة من المحدثين والفقهاء ما يزالون يذكرون في أبواب صلاة الحاجة حديث الأعمى حاثين الأمة أن تقول في ذاك الدعاء : يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله في حاجتي . . . . فليس في ذلك ما يتعلق في العقيدة ولا في التوحيد البتة ، إلا عند من يقول أن هناك توحيدان : توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية وأنه من وحد توحيد ربوبية ولم يوحد توحيد ألوهية فهو كافر . وهذه مسألة اخترعها ابن تيمية ليكفر بها عباد الله تعالى وتبعه عليها محمد ابن عبد الوهاب ، ونصوص الكتاب والسنة تنقض ذلك نقضا مبرما كما أوضحت ذلك مفصلا في رسالة (التنديد بمن عدد التوحيد) وأجبت عن جميع الآيات التي توهم منها بعض الناس أنها تدل على ذلك كقوله سبحانه (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله)



[ 4 ]

وبينت معانيها الثابتة بنصوص القرآن من سياقاتها وأقوال الأئمة الفحول في ذلك فلتراجع . فقد وجب الآن أن نكتب في بيان مشروعية الاستغاثة بسرد أدلتها الثابتة وأقوال السلف وأهل الحديث فيها ، ليعلم الأساتذة الثلاثة الذين اجتمعت معهم خاصة وباقي الناس عامة أدلة جواز الاستغاثة ، وهذا ما أدين الله به وأراه حقا وصوابا وتمسكا بالسنة فأن كان حقا أسأل الله تعالى أن يثبتني عليه وأن يلهم من أنكر ذلك أن يرجع إليه ، كما أسأله تعالى إن كان باطلا أن يجنبنا إياه (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) . (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه واستغفرك لما لا أعلمه به . (فصل) : في تعريف الاستغاثة وما يتعلق بذلك : الاستغاثة عندي هي : الطلب من النبي قبل وفاته أو بعد وفاته - لأنه بعد وفاته حي كما أخبر يسمع وتعرض عليه أعمال أمته - أن يدعو الله تعالى في تلبية حاجة لصاحب الحاجة ، فقد طلب الناس منه (صلى الله عيه وسلم) الاستقساء في حياته وبعد مماته كما سيأتي إن شاء الله في أدلة الاستغاثة ، مع كون المطر بيد الله ليس بيد النبي كما هو معلوم ومشهور فقد جاء الرجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب فقال : يا رسول اللة هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا - أي يمطرنا - . . الحديث وكان الرجل مسلما كما في الفتج (2 / 502) والصحابة كانوا يعرفون قول الله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) والنبي لم يقل لذلك الرجل إذا نزل بك قحط أو بلاء فلا تأتيني وتطلب مني الدعاء بل ! عليك أن تدعو الله وحدك للآية . فاتضح أن هذه الآية لا تنفي الاستغاثة لان ذكر الشئ لا ينفي ما عداه كما هو مقرر في الأصول .



[ 5 ]

فلا بد من عقد فرع لاثبات حياة الأنبياء في قبورهم فإذا اتضح ذلك تبين جواز خطابهم ومناداتهم لأنهم يسمعون . (فرع) : اثبات حياة النبي في قبره : 1) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون) رواه أبو يعلى والبزار والبيهقي في حياة الأنبياء وغيرهم . قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 211) : رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلى ثقات . وفي فيض القدير (3 / 84) : رواه أبو يعلى عن أنس بن مالك وهو حديث صحيح اه‍ . قلت : وصححه الألباني ، علما بأني لا أعتد بتصحيحه ولا بتضعيفه وأقول أنه ليس أهلا لذلك كما سأبين في عدة مواضع ، وإنما أذكر كلامه هو وابن تيمية وأمثالهما ليتنبه بذلك مقلدوهم وعاشقوهم . انظر صحيحته حديث (621) . قال المحدث الكتاني في نظم المتناثر (135 حديث رقم 115) : قال السيوطي في مرقات الصود : تواترت - بحياة الأنبياء في قبورهم - الأخبار ، وقال - الحافظ السيوطي - في أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء ما نصه : حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا علما قطعيا ، لما قام عندنا من الأدلة في ذلك ، وتواترت بها الأخبار الدالة على ذلك ، وقد ألف الأمام البيهقي رحمه الله تعالى جزءا في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم اه‍ . وقال ابن القيم في كتاب الروح : صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الأرض لا تأكل أجساد الانبياء ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس ، وفي السماء خصوصا بموسى ، وقد أخبر بأنه : ما من مسلم يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام . إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث لا ندركهم ، وإن كانوا موجودين أحياء وذلك كالحال في الملائكة ، فانهم أحياء موجودون ولا نراهم ا ه‍ . . . . انتهى من نظم المتناثر للمحدث الكتاني .



[ 6 ]


وهذا الكلام لابن القيم موجود في كتاب الروح ص (53 - 54) طبعة دار الفكر الطبعة الثانية سنة 1986) . وهذا الكلام المتقدم نص عليه الإمام المناوي في فيض القدير (3 / 184) فراجعه . 2) وهناك أدلة عدة في حياة الأنبياء ستأتي أثناء عرض أدلة الاستغاثة فلا نريد التكرار والإطالة . (فرع) : في إثبات أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يسمع بعد موته وكذا سائر الأموات إعلم يرحمك الله تعالى أن بعض من توهم أن الأموات لا يسمعون ظنوا أن قول الله تعالى (وما أنت بمسمع من في القبور) دليلا على ذلك ، وليس كذلك ، بل هذه الآية دليل على أن الكفار المصرين على الباطل لن ينتفعوا بالتذكير والموعظة كما أن الأموات الذين صاروا إلى قبورهم لن ينتفعوا بما يسمعونه من التذكير والموعظة بعد أن خرجوا من الدنيا على كفرهم ، فشبه الله تعالى هؤلاء الكفار المصرين بالأموات من هذا الوجه ، ونص على ذلك أهل التفسير فراجعه ، واني أنقل لك قول واحد منهم : جاء في مختصر تفسير ابن كثير رحمه الله للشيخ الصابوني حفظه الله تعالى (3 / 45) في تفسير آية (وما أنت بمسمع من في القبور) إن المعنى : أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم (إن أنت إلا نذير) . اه‍ واعلم أن الله تعالى قال (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) النمل / 80 ، وأنت تعلم أن الأموات لا يولون مدبرين بعد العظة والتذكير وإنما المراد بذلك الكفار ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين : (مثل الذي يذكر الله تعالى والذي لا يذكره مثل الحي والميت) (1) . فتأمل . (1) الضمير في قوله سبحانه : (إذا ولوا مدبرين) عائد على الموتى وعلى الصم ، لأن المراد بكل منهما الكفار ، وهذا ظاهر بداهة ، فالموتى والصم هم الكفار لا الاجساد ،



[ 7 ]

ونص على ذلك أئمة محققو المفسرين ، بالاضافة إلى الأدلة التي أوردتها في هذه الرسالة في اثبات سماع الأموات بلا شك ، أما قول أئمة التفسير : فقال الطبري في تفسيره (مجلد 11 جز 25 صحيفة 12) : وقوله (إنك لا تسمع الموتى) يقول : إنك يا محمد لا تقدر أن تفهم الحق من طبع الله على قلبه فأماته لأن الله قد ختم عليه أن لا يفهمه (ولا يسمع الصم الدعاء) يقول : ولا تقدر أن تسمع ذلك من أصم الله عن سماعه سمعه (إذا ولوا مدبرين) يقول : إذا هم أدبروا معرضين عنه لا يسمعون له ، لغلبة دين الكفر على قلوبهم ولا يصغون للحق ولا يتدبرون ولا ينصتون لقائله ، ولكنهم يعرضون عنه وبنكرون القول به والاستماع له . انتهى من . الطبري . وهذا يثبت بلا شك أن الضمير في قوله (ولوا) يعود على الأموات وعلى الصم . وكذا قال الإمام الحافظ أبو حيان في تفسيره النهر الماد (مطبوع مستقل دار الجنان 1407 صحيفة 2 / 632) فليراجع . وأما حديث : (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت) فحديث ثابت في الصحيحين ، انظر الفتح (11 / 208) وقال الحافظ صفحة 210 : وقع في مسلم عن أبي كريب بلفظ : (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر فيه مثل الحي والميت) ثم قال : الذي يوصف بالحياة والموت حقيقة هو الساكن لا السكن ، وإن إطلاق الحي والميت في وصف البيت إنما يراد به سكن البيت ، فشبه الذاكر بالحي الذي ظاهره تزين بنور الحياة . . . . الخ كلامه اه‍ فتبين بهذا التحقيق أن تشدق الألباني فيما ادعى فيه التحقيق في تعليقه على سنه ابن أبي عاصم (414) المسمى عنده بظلال الجنة : غلط محض بل باطل . وكذا سيظهر في هذه الرسالة أن صاحب الكراسة المتهافتة التي رد بها على (الميداني) بنقل الرد من كتاب (التوصل إلى حقيقة التوسل) غلط ، لأن الأصل وهو التوصل متهافت ملئ بالأغلاط وقد دنس فيه مؤلفه ثم : ضعف مايشا من الحديث برأيه المستهجن الرثيث فلا يعول على كلامه كما سيتجلى أثناء هذه الرسالة ، وخصوصا في حديث عائشة رضي الله عنها عند الدارمي كما ستراه إن شاء الله تعالى ، فكيف بمن نقل عنه ونسخ من كتابه وهو لا يميز بين الغث والسمين ، فظن نفسه أنه رد الحق بشئ هو في الحقيقة مل غيره لكنه نسبه إلى نفسه ، ثم تبجح به ، وقد رددت أيضا على أحد خريجي انشستر ممن يقول بقريب من ذلك من نفس فصيلة هذه الطائفة وكما قيل : والقوم إخوان وشتى في الشيم وقيل في شأنهم اشتدي زيم



[ 8 ]

إذا فهمت ذلك فتدبر الآن في أدلة سماع الأموات : 1) روى الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : (وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ ثم قال : أنهم الآن يسمعون ما أقول . . . . . وفي رواية في الصحيح : أن النيي صلى الله عليه واله وسلم جعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟ فانا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فقال عمر : يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم . اه‍ ولا أدري أيصحح الألباني هذا الحديث أم يضعفه ؟ ! ومن رد هذا الكلام الصريح بكلام السيدة عائشة قلنا له : ذكر العلامة حبيب الله الشنقيطي في كتابه زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم (4 / 4 - 5) نقلا عن الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه : ومن الغريب أن في المغازي لابن اسحق رواية يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة - يعني أنها أثبتت أن الأموات يسمعون - وفيه ما أنتم بأسمع لما أقول منهم . وأخرجه أحمد باسناد حسن فإن كان محفوظا فكأنها رجعت عن الانكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصة . ا ه‍ قلت : لا حجة بمعارضتها رضي الله عنها ، وقد ثبت أنها رجعت ، وكلام من شهد القصة مقدم على كلامها بلا ريب وهم رجال عدة . والحمد لله تعالى . 2) عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام) رواه الحاكم في المستدرك (2 / 421) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه



[ 9 ]


وأقره الحافظ الذهبي ، وفي فيض القدير (2 / 479) : رواه أحمد في المسند والنسائي وابن حبان والحاكم ، قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، وقال الحافظ العراقي : الحديث متفق عليه دون قوله سياحين اه‍ قلت : فليراجع . 3) قال الحافظ السيوطي في اللمعة في أجوبة الأسئلة السبعة (الحاوي 2 / 175) : روى الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار والتمهيد من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) صححه الحافظ أبو محمد بن عبد الحق . قلت : والحافظ بن عبد الحق إمام في العلل ومعرفة الحديث كما في تذكرة الحفاظ للذهبي وكذا أشار إلى صحة الحديث صاحب عون المعبود فيه (3 / 370) . وسيأتي الكلام على هذا الحديث إن شاء الله في تنبيه آخر هذه الرسالة وبيان كيف ضعفه الألباني بلا حجة . 4) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله إلي روحي حتى أرد عليه السلام) رواه أبو داود وغيره وصححه النووي في رياض الصالحين وفي الأذكار ، وقال الحافظ ابن حجر : رجاله ثقات ، كما في فيض القدير . قال الإمام الحافظ السيوطي في رسالته : (أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء) المطبوعة ضمن الحاوي (2 / 147) : قوله (رد الله) جملة حالية ، وقاعدة العربية أن جملة الحال إذا وقعت فعلا ماضيا قدرت (قد) ، كقوله تعالى : (أو جاؤكم حصرت صدورهم) أي : قد حصرت ، وكذا تقدر هنا والجملة ماضية سابقة على السلام الواقع من كل أحد ، و (حتى) ليست للتعليل بل مجرد حرف عطف بمعنى الواو ، فصار تقدير الحديث : (ما من أحد يسلم علي إلا قد رد الله علي روحي قبل ذلك فأرد عليه) .



[ 10 ]

وإنما - جاء الإشكال على من ظن أن جملة (رد الله علي) بمعنى الحال ، أو الاستقبال ، وظن أن (حتى) تعليلية ، وليس كذلك ، وبهذا الذي قررناه ارتفع الإشكال من أصله وأيده من حيث المعنى : أن الرد لو أخذ بمعنى الحال والاستقبال لزم تكرره عند تكرر سلام المسلمين ، وتكرر الرد يستلزم تكرار المفارقة ، وتكرر المفارقة يلزم عليه محذوران : أحدهما : تأليم الجسد الشريف بتكرار خروج الروح منه ، أو نوع ما من مخالفة التكريم إن لم يكن تأليم . والاخر : مخالفة سائر الشهداء وغيرهم ، فإنه لم يثبت لأحد منهم أن يتكرر له مفارقة الروح وعودها في البرزخ ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاستمرار الذي هو أعلى رتبة . انتهى كلام الحافظ السيوطي . 5) وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلن عيسى بن مريم إماما مقسطا وحكما عدلا ، فليكسرن الصليب ويقتلن الخنزير وليصلحن ذات البين وليذهبن الشحناء وليعرضن المال فلا يقبله أحد ، ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد لأجبته) . قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 211) : قلت : هو في الصحيح باختصار رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح . اه‍ قلت : وفي قوله (لأجبته) دلالة ظاهرة في سماعه إياه . 6) وجاء في الصحيحين البخاري (الفتح 3 / 205) ومسلم وكذا عند أحمد والسدي والبزار وابن حبان مرفوعا : (إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم) . 7) جاء في حديث أبي هريرة والسيدة عائشة وبريدة واللفظ له عند مسلم وغيره كما في تلخيص الحبير (2 / 137) : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يقول إذا ذهب إلى المقابر : (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أسال الله لنا ولكم العافية) .



[ 11 ]

قلت : وهذا نداء ودعاء للأموات صريح من النبي صلى الله عليه واله وسلم وتعليم للأمة فليس ذلك عبادة لهم ، وليس لأحد أن يقول هنا (الدعاء هو العبادة) كما أنه ليس لأحد أن يقول : وجب تغيير نداء النبي في الصلاة بعد وفاته بإبدال (السلام عليك أيها النبي) بلفظة (السلام على النبي) ، فتنبه ، ولها جواب في كتاب (القول المقنع) لشيخنا المحدث الغماري حفظه الله تعالى ، وأظن أن هذه الأدلة يعضد بعضها بعضا وهي كافية في إثبات السمع للأموات ، وانما أوردتها وأوردت قبلها الدليل على حياة النبي في قبره ، وأثبت أثناء ذلك أن النداء ليس عبادة إلا إن كان دعاء لمن آعتقدنا فيه صفات الربوبية ، وهذا هو الصواب الذي تثبته أدلة النقل الشرعية والعقل المنطقية ، وقد فصلته في (التنديد بمن عدد التوحيد) وقد أوردت كل فا تقدم ليكون مقدمة لأدلة الاستغاثة بالأنبياء الموصوفين بأنهم أحياء في قبورهم يسمعون وتعرض عليهم أعمال أممهم ، ومن أثبت التوسل والاستغاثة بذات الأنبياء والصالحين حال حياتهم فقط أثبت لهم تأثيرا ، كما أنه جردهم من منزلتهم بعد موتهم وهنا يكمن الخطر الجسيم . وإني أذكر حديث عرض الأعمال فيما يلي بين يدي أدلة الاستغاثة فأقول : (فصل http://al7ewar.net/forum/images/smilies/11.gif: في تحقيق : حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تعرض علي أعمالكم . . . روي بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم) . قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 24) رجاله رجال الصحيح اه‍ قلت : وسأفصل ذلك إن شاء الله تعالى بعد قليل - أعني صحة إسناده والرد على من يحاول أن يوهم أن الحديث ضعيف .



[ 12 ]

فأقول : ضعف هذا الحديث بعض من لم يوافق الحديث مشربه بلا حجة ، فلبس بذلك على بعض الطلبة البسطاء ، وذهب هذا المضعف يحتج بأن هذا الحديث يعارض حديثا ثابتا في الصحيح وهو : (حديث الحوض) وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم القيامة داعيا أمته إلى الحوض : هلموا ، فتضرب الملائكة بعض من أراد الورود على الحوض ، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لماذا تذودوهم ؟ ! فتقول الملائكة : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فيقول صلى الله عليه وآله وسلم : سحقا ، سحقا . انتهى الحديث بمعناه . قال مضعف حديث عرض الأعمال : فكيف تقول الملائكة في الحديث الصحيح إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك يا رسول الله ؟ ! فلو كانت الأعمال تعرض عليه لعرف ما صنعوا بعده . فالجواب على هذا الاشكال هو ما أجاب به الحافظ في فتح الباري (11 / 385) جامعا بين الحديثين ناقلا ذلك عن أربع من أكابر حفاظ الأمة وهم : النووي وابن التين والقرطبي والقاضي عياض وهو خامسهم حيث قال ما معناه ملخصا : هؤلاء الذين يذادون عن الحوض هم المنافقون والذين ارتدوا عن الإسلام ، فهؤلاء لا تعرض أعمالهم عليه في الدنيا لخروجهم من أمته حقيقة ، وان كانوا في الصورة يصلون ويتوضأون فيحشرون بالغرة والتحجيل ، فإذا أبعدتهم الملائكة وقال لهم سحقا سحقا أطفا الله تعالى غرتهم وتحجيلهم وأذهبه ساعتئذ . اه‍ من الفتح . وحديث (حياتي خير لكم . . . .) رواه البزار في مسنده كما في كشف الأستار عن زوائد البزار (1 / 397) بإسناد رجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ نور الدين الهيثمي في المجمع (9 / 24) وقال الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى (2 / 281) سنده صحيح ، وقال الحافظان العراقيان - الزين وابنه ولي الدين - في طرح التثريب (3 / 297) : إسناد جيد ، وطرح الثريب من آخر مؤلفات الحافظ الزين العراقي . وروى الحديث ابن سعد باسناد حسن



[ 13 ]


مرسل كما في فيض القدير (3 / 401) وصنف في هذا الحديث مولانا محدث العصر سيدي عبد الله بن الصديق الغماري جزءا حديثيا خاصا سماه (نهاية الآمال في صحة وشرح حديث عرض الأعمال) قرظه له شقيقه الحافظ السيد أحمد بن الصديق الغماري الحسني . فمما قدمناه بان أن الذين صححوا الحديث من أهل الحديث : 1) الحافظ النووي . 2) والحافظ ابن التين . 3) والحافظ القرطبي . 4) والحافظ القاضي عياض . 5) والحافظ ابن حجر العسقلاني كما نقل ذلك عمن تقدم ذكرهم في الجمع بينه وبين حديث الشفاعة كما في الفتح (11 / 385) . 6) والحافظ زين الدين العراقي إمام زمانه . 7) وولده الحافظ ولي الدين العراقي أبو زرعة . 8) والإمام الحافظ السيوطي . 9) والحافظ الهيثمي كما في مجمع الزوائد . 10) وكذا المحدث المناوي في فيض القدير . 11) وكذا الحافظ المحدث السيد أحمد الغماري . 12) وكذا مولانا محدث العصر المحقق سيدي عبد الله بن الصديق . وهؤلاء الأئمة النقاد بلا شك ولا ريب مقدم تصحيحهم عند كل عاقل كما نظن على تضيف الألباني له في سلسلته الضعيفة (2 / 404) . ولا أشك أن الألباني ضعف الحديث لا لضف سنده وإنما لمخالفته لمشربه فقط . وأعجب منه كيف أنه يصحح أحاديث ضعيفة بشواهد شبه موضوعة كما فعل مثلا بحديث (لحوم البقر) الذي ذكرته في رسالة رد التصحيح الواهن لحديث العاجن ، ثم يضعف هذا الحديث برجل من رجال مسلم والأربعة ووثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وروى عنه أئمة من كبار المصنفين كالشافعي والحميدي وأمثالهم .



[ 14 ]


والطعن في هذا الرجل (ابن أبي رواد) مردود رده الذهبي في سير أعلام النبلاء فلينظر . ومن كان مؤهلا للمناقشة في علم الرجال واعترض على ما قررناه مما تبعنا فيه أهل الشأن فليناظرنا وليباحثنا في ذلك ، مع أني لم أر إلى . الآن أحدا من أهل العلم المعتبرين ضعف حديث (عرض الأعمال) . والله الموفق للصواب . ومن المؤسف جدا أن : صاحبي كتيب (أوهابية أم كتاب وسنة) الذي كان مطبوعا قبلا باسم الإسلام والغلو في الدين ص 23 من أوهابية وص 15 من الغلو يقولان عن حديث عرض الأعمال ما نصه : قال في الصارم المنكي : هذا حديث مرسل ضعيف لا يحتج به . اه‍ والصحيح : أن صاحب الصارم المنكي لم يقل ذلك وإنما قال : حديث مرسل صحيح الاسناد . اه‍ فقد حرف صاحبا كتاب (أوهابية) في النقل على عادة هذه الطائفة ، وهما ممن لا يعرف في علم الحديث لا قليلا ولا كثيرا . ولم يطلع ابن عبد الهادي الحافظ صاحب الصارم المنكي على اسناد البزار ، ولو اطلع لقال حديث متصل صحيح الاسناد . ولنتناقش في شأن ابن عبد الهادي صاحب الصارم المنكي مناقشة موضوعية هادئة بعيدة عن التعصب بتروي وتدبر وذلك على ضوء الكتاب والسنة فنقول : قال الإمام المحدث الكتاني في فهرس الفهارس والاثبات (1 / 277) كاشفا حال ابن عبد الهادي وكتابه الصارم المنكي ما نصه : وتصدى للرد على ابن السبكي : ابن عبد الهادي الحنبلي ، ولكنه ينقل الجرح ويغفل عن التعديل (2) ، وسلك سبيل العنف والتشديد ، وقد رد عليه (2) أي في رد ابن عبد الهادي في الصارم المنكي على كتاب الإمام السبكي في كتابه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) وهو مطبوع مشهور متداول أعني شفاء السقام .



[ 15 ]


وانتصر للسبكي جماعة (3) منهم الإمام عالم الحجاز في القرن الحادي عشر الشمس محمد علي بن علان الصديقي المكي له - كتاب - (المبرد المبكي في رد الصارم المنكي) ومن أهل عصرنا البرهان ابراهيم بن عثمان السمنودي المصري سماه (نصرة الإمام السبكي برد الصارم المنكي) وكذا الحافظ ابن حجز له (الإنارة بطرق حديث الزيارة) وانظر مبحثا من فتح الباري والمواهب اللدنية وشروحها . اه‍ قلت : وابن عبد الهادي من شدة تعصبه لابن تيمية وملازمته له اغتر بكثير من أخطائه المشهورة ، لا سيما أن ابن تيمية كان يحثه على قراءة مصنفات المجسمة والمشبهة وخصوصا أن ابن تيمية يرى أن التشبيه والتجسيم لم يأت لهما ذم في كتاب أو في سنة أو في قول أحد من السلف ، كما يقول في كتابه التأسيس في نقد أساس التقديس (1 / 1 00) : ولم يذم أحد من السلف أحدا بأنه مجسم ولا ذم للمجسمة . اه‍ . وقال في التأسيس أيضا (1 / 109) : وإذا كان كذلك فاسم المشبهة ليس له ذكر بذم في الكتاب والسنة ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين . اه‍ وكان ابن تيمية - شيخ ابن عبد الهادي - هنا يتناسى أن الإسلام جاء لهدم الوثنية المبنية على تجسيم الإله وتشبيهه بخلقه . . . إلى غير ذلك مما لا يحتاج لدليل ولا برهان كما قيل : وليس يصح في الأذهان شئ إذا احتاج النهار إلى دليل كما يظهر أنه نسي ما يقوله هو وأصحابه : (المشبه يعبد صنما) وإثبات ابن تيمية في التأسيس (1 / 568) عقيدة تجويز جلوس معبوده على ظهر بعوضة فضلا عن العرش مما تشمئز منه نفوس أهل الإيمان حيث يقول ما نصه هناك : (3) ونحن الآن إن شاء الله تعالى على أتم الاستعداد للانتصار للسبكي في هذا الزمان ، وكذا في كل مسألة يثيرها المغرضون مما نرى الحق على خلافها ، والله تعالى يهيئ في كل مكان وأوان من يزهق الباطل ويدافع عن الحق كما قال الكوثري عليه الرحمة والرضوان .



[ 16 ]


(ولو قد شاء - الله - لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف على عرش عظيم) . ويشير في منهاج السنة (1 / 260) إلى تقوية حديث : جلوس الله على العرش وبقاء فراغ بمقدار أربع أصابع إلى غير ذلك من طامات ورثها عنه الإمام الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي الذي كان يسمع أهله وخاصته كتاب (إثبات الحد لله عز وجل وأنه قاعد وجالس على عرشه) للمجسم المحترف ابن سفنديار الدشتي الحنبلي كما تجد ذلك بخط ابن عبد الهادي على جزء الدشتي المذكور ، مع أن المعروف عند كل مؤمن عاقل أن الأهل من زوجة وأولاد وكذا خاصة الرجل ممن ينبغي صونهم من الكفر البواح ، وتسميعهم ما فيه تنزيه للباري تبارك وتعالى ، وعناوين هذه الكتب تنبئ العاقل المتبصر بحال مصنفيها والمشتغلين بتسميعها لأهلهم وخاصتهم . ومن تعصب ابن عبد الهادي لابن تيمية وتصنيفه للانتصار لذلك عاب عليه كبار العلماء كالإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره من الأكابر ، ففي الفتح (3 / 66) مثلا ما نصه : قال الكرماني : وقع في هذه المسألة - مسألة الزيارة - في عصرنا في البلاد الشامية مناظرات كثيرة وصنف فيها رسائل من الطرفين ، قلت : يشير إلى ما رد به الشيخ تقي الدين السبكي وغيره على الشيخ تقي الدين بن تيمية ، وما انتصر به الحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي وغيره لابن تيمية وهي مشهورة في بلادنا ، والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنكرنا صورة ذلك (4) . . . . وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية . اه‍ [ تنبية ] : لمسألة تتعلق بآستحباب زيارة قبر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي : أنه قد تلاعب أحد أتباع ابن تيمية بكلام الإمام النووي في الأذكار فحرفه إقتداء بمن قال الله فيهم (يحرفون الكلم عن مواضعه) وإني أسوق كلام الإمام النووي الأصلي الآن إن شاء الله تعالى ثم أردفه بالكلام المبدل لنتبين حقيقة الأمر ، وليعشق من يعشق سلفية العصر على بينة فأقول :



[ 17 ]

كلام الإمام النووي الأصلي غير المحرف : في كتاب الحج من الأذكار (ص 306 طبع دار الفكر دمشق) وكذا في المخطوط وباقي الطبعات وفي شرح الأذكار لابن علان ما نصه : (فصل في زيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأذكارها) : اعلم أنه ينبغي لكل من حج أن يتوجه إلى زيارة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن فان زيارته (صلى الله عليه وسلم) من أهم القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات فإذا توجه للزيارة أكثر من الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وسلم) في طريقه . فإذا وقع بصره على أشجار المدينة . . . اه‍ كلام الإمام النووي الأصلي . كلام الإمام النووي المحرف الذى حرفه (عبد القادر الأرناؤوط) المتمسلف بأمر من سادته طمعا في المادة : في كتاب الأذكار للإمام النووي (طبع دار الهدى الرياض 1409 د باشراف وموافقة مراقبة المطبوعات برئاسة ادارة البحوث العلمية والإفتاء ص 295) ما نصه : فصل في زيارة مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : اعلم أنه يستحب من أراد زيارة مسجد رسول (صلى الله عليه وسلم) أن يكثر من الصلاة عليه (صلى الله عليه وسلم) في طريقه فإذا وقع بصره على أشجار المدينة . . . . فتأمل هذا التحريف ولا أدري كيف حصل هذا تحت انظار رئاسة ادارة البحوث العلمية والافتاء والدعوة (!) علما بأن الكتاب إذا كان فيه كلمة توسل بالنبي (صلى الله عليه وسلم) أو بيت من الشعر فيه مدح له (صلى الله عليه وسلم) فإن عين رئاسة البحوث تضبطه وتصادر الكتاب وتمنع دخوله . فهل أصاب عين رئاسة البحوث العمى فلم تر هذا التحريف لأنه يوافق مشربها ؟ ! ! ثم تمادى المحقق المتمسلف المذكور فاسقط بعد صحيفة من كتاب الأذكار قصة العتبي التي ذكرها الإمام النووي لأنها تخالف ذاك المشرب العكر ، فهل هذه هي الأمانة العلمية ؟ ! وكان بإمكانه ان يعلق عليها بالانكار كما فعل بعض اخوانه في طبعات اخرى دون ان يقترف هذا التحريف والتلاعب المشين الذي يؤدي إلى تشكيك المسلمين بما يطبع ويطرح بين أيدي عامة الناس من أمهات المراجع وكتب التراث . سبب هذا التحريف فيما نرى : أقول : والذي دعى المحقق والمشرف إلى ان يحرف عبارة الإمام النووي ويحذف منها هو التعصب لرأي ابن تيمية الحراني والذي أنكره عليه فحول علماء أهل السنة ، وإليك بيان ذلك : قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3 / 66) : والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنكرنا صورة ذلك . . . . وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية اه‍



[ 18 ]


قلت : فهذا الانكار لا شك يشمل كتاب الصارم المنكي (5) ، الذي كان مؤلفه يحيد عن الصواب بتضعيف الأحاديث بعرض رجالها وذكر الجرح فيهم دون التعديل كما قال ذلك الأئمة المختصون في هذا الفن ورأيناه أيضا بأعيننا ، وسلك أيضا مثل هذه الطريق الشاذة البعيدة عن التمحيص العلمي (السهسواني) وأمثاله ممن لا يعبأ بقولهم البتة . هذا مع ملاحظة أن ابن عبد الهادي قال عن حديث (حياتي خير لكم . . . . الحديث) : مرسل صحيح ، فحرف ذ لك صاحبا (أوهابية أم كتاب سنة) فقالا : قال ابن عبد الهادي ضعيف لا يحتج به . اه لأنه يخالف مشربهما ، ولا شك أن هذا من الغلو في الدين ! ! فلا حول ولا قوة إلا بالله . قلت : وهذا التحريف اعتاد عليه الحشوية المجسمة في كل عصر كما أثبتت ذلك وقائع التاريخ وعندي على ذلك أمثلة تزيد على الثلاثمائة سأصدرها قريبا في رسالة أسردها فيها سردا ، وانظر إلى ما يقوله الإمام الحافظ التاج السبكي في كتابه (قاعدة في الجرح والتعديل ص 48 من الطبعة الخامسة) : وقد وصل حال بعض المجسمة في زماننا إلى أن كتب شرح " صحيح مسلم " للشيخ محي الدين النووي ، وحذف من كلام النووي ما تكلم به على أحاديث الصفات ، فإن النووي أشعري العقيدة فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه . وهذا عندي من كبائر الذنوب ، فإنه تحريف للشريعة وفتح باب لا يؤمن معه بكتب الناس وما في أيديهم من المصنفات فقبح الله فاعله وأخزاه . . . الخ انتهى كلام الإمام الحافظ السبكي . (5) قال المحدث يوسف النبهاني في شواهد الحق ص (287) : (الصارم المنكي) غير صحيح ، لان أنكى الرباعي غير وارد ولا وجرد له في كتب اللغة . . . فلا يقال أنكاه وأنكاه حتى يصبح منكي كما في اللسان والقاموس والمصباح . . . . (والظاهر أن الله طمس على بصيرته في تسمية الكتاب كما طمس على بصيرته في مسماه ليحصل الخطأ في الاسم والمسمى جميعا . اه‍ .



[ 19 ]

(فصل) : في أدلة الاستغاثة الصحيحة وآثار السلف أيضا : 1) ثبت في صحيح البخاري في كتاب الزكاة باب رقم (52) أنظر فتح الباري (3 / 338) الطبعة السلفية ما نصه : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : . (إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن ، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ، ثم بموسى ، ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق . . .) . أقول : وهذا تصريح بالاستغاثة بغير الله تعالى في أمر لا يملك تفريجه يومئذ إلا الله تعالى وحده ، وكلنا يعتقد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عبد من عبيد الله ليس له الملك يومئذ لأن (الملك اليوم لله الواحد القهار) ، واستغاثة الناس بعد اتضاح الشرك من الإيمان يومئذ وخصوصا بسيدنا آدم الذي يعترف بأنه لا يستطيع ذلك ثم بمن بعده من أكابر الأدلة وأنصعها وأصحها على أن الاستغاثة بغير الله تعالى ولو لم يكن المستغيث يملك النفع ليس شركا ولا كفرا كما يظن البعض بل هو حق في موقف يشهده الخلق جميعا بين يدي رب العالمين النافع الضار سبحانه ، وذكر لفظة الاستغاثة في هذا الحديث نص صريح على حقية ذلك ، فليس لأي انسان أن يقول : هذا حديث الشفاعة ونحن نعرفه ، لأن قوله هذا لا ينفي الاستغاثة ، بل يثبت هذا عليه أن التوسل والاستغاثة والاستعانة والشفاعة كلها بمعنى واحد وهو توسيط النبي أو غيره بين صاحب الحاجة وبين الله تعالى وهو يعتقد أن الأمر بيد الله . ولذلك قال الحافظ ابن حجر معلقا على نحو هذا الحديث في الفتح (11 / 441) وفية أن الناس يوم القيامة يستصحبون حالهم في الدنيا من التوسل إلى الله في حوائجهم بأنبيائهم اه‍ . قلت : وهؤلاء الناس منهم من أدرك الأنبياء في حياتهم الدنيوية قبل وفاتهم ومنهم من أدركهم بعد الوفاة ، والجميع مستغيثون بالأنبياء .



[ 20 ]

2) وروى البخاري في صحيحه في كتاب الاستسقاء باب (6) الفتح (2 / 501) : عن أنس بن مالك : (أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب ، فاستقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائما فقال : يارسول الله هلكت المواشي ، وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا - أي يمطرنا - قال : فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يديه فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا . قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا ، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار . قال : فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس ثم انتشرت ، ثم امطرت . . . .) . قلت : هذا الرجل أصيب ماله بالهلاك وجاء مستغيثا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الله في أن يمطرهم ، وهو يخطب على المنبر ، فلم يقل له صلى الله عليه وآله وسلم : عليك أن تدعو الله أنت لأن الله يقول : (إذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وكذا لم يقل له (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) لأن هاتين الآيتين لا تنفيان سؤال الغير والاستغاثة بالأنبياء ، وذكر الشئ لا ينفي ما عداه كما هو مقرر في الأصول ، ومن هذا الباب جاء في الحديث الصحيح : أن الأعمى استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الله له في رد بصره ، فلم يدع به وإنما علمه التوسل والاستغاثة بجاهه (صلى الله عليه وسلم) في الدعاء المسنون المشهور الذي فيه (اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة - وهذا توسل - يا محمد إني أتوجه بك الله في حاجتي لتقضى - وهذه استغاثة صريحة -) وخصوصا أن النبي لم يخص هذا الدعاء بحياته فقط مع أنه حي في قبره كما أخبر وجاءنا في الحديث الصحيح ، وعلماء الأمة ذكروا هذا الحديث في أبواب صلاة الحاجة من مصنفاتهم ولم يقل أحد منهم إياكم أن تدعو به فانه شرك
[ 21 ]

بل حثوا الأمة على الدعاء به طبيقا لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والمستغيث منا الآن برسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حي في قبره يسمع سلام المسلمين عليه ويرد عليهم وتعرض عليه أعمال أمته ، فإذا وقف الإنسان منا على قبره صلى الله عليه واله وسلم فقال : يا رسول الله جئتك مستغغرا من ذني مستغيثا بك إلى ربي فآعف عني وأدع الله أن يغفر لي ذنوبي وإسرافي في أمري . لم يكن ذلك شركا ولا كفرا بآتفاق غير المتعصبين ، وخصوصا إن علمت أن الإمام النووي حض على مثل هذه الصيغة كما في المجموع (8 / 274) ونقله عن علماء الشافعية ، وأن ابن حجر العسقلاني يقول كما في ديوانه بخط القلم : نبي الله يا خير البرايا بجاهك أتقي فصل القضاء وأرجو يا كريم العفو عما جنته يداي يا رب الحباء فكعب الجود لا يرضى فداء لنعلك وهو رأس في السخاء وسن بمدحك ابن زهير كعب لمثلي منك جائزة الثناء فقل يا أحمد بن علي اذهب إلى دار النعيم بلا شقاء فإن أحزن فمدحك لي سروري وإن اقنط فحمدك لي رجائي (6) وديوان الحافظ مطبوع قديما في الهند وهناك نسخة منه في مكتبة الجامعة الأردنية فلتنظر وليبحث عن مخطوطه أيضا بخطه للتأكد . فان قال قائل في هذين الدليلين هذه الاستغاثة جائزة في حياته فقط ، قلنا : أنت لا تجيز الاستغاثة بغير الله مطلقا ، وتصف المستغيث بالشرك في أمر أقل ما يقال فيه : أمر مختلف فيه ، وتدعي أن هذا من صلب العقيدة ، (6) وعلى أولئك الذين ينتقدون أبيات البردة للإمام البوصيري رحمه الله تعالى أن ينتقدوا بعد اليوم أبيات الحافظ ابن حجر وغيره من الحفاظ الذين يقولون مثل ما يقول البوصيري بل ممثر من ذلك ومنه نعلم سقوط كلام ذلك المسكين الذي علق على كتاب (هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين) وشطحه ص 71 - 74 وعدم تذوقه لعلوم العربية ، وأكله الزنجبيل .



[ 22 ]

وليس كذلك ، وستأتي إن شاء الله تعالى أدلة واضحة في إثبات الاستغاثة بعد الوفاة ، فتأمل وأنصف . 3) روى الطبراني وأبو يعلى في مسنده وابن السني في عمل اليوم والليلة عن عبد الله ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إذا أنفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله احبسوا علي ، يا عباد الله احبسوا علي ، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم) . وفي رواية أخرى لهذا الحديث : (إذا ضل أحدكم شيئا ، أو أراد أحدكم غوثا ، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أغيثوني ، يا عباد الله أغيثوني ، فان لله عبادا لا نراهم) . رواها الطبراني في الكبير وقال بعد ذلك : وقد جرب ذلك . ورواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ : (إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني) . وحديث البزار هذا حسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في أمالي الأذكار كما في شرح ابن علان على الاذكار (5 / 151) . وقال الحافظ الهيثمي عنه في المجمع (10 / 32) رجاله ثقات . وزاد الحافظ الهيثمي مؤكدا على رواية الطبراني مقرا قوله : وقد جرب ذلك . ولو فرضنا جدلا أن هذا الحديث الحسن موضوع فكيف يجوز علماء الأمة وأهل الحديث هذا الأمر ويقولون : وجد جرب ذلك ، وسيمر بنا إن شاء الله تعالى ذكر من عمل بذلك وحسنه من الحفاظ . (تنبيه) : والعجب العجاب أن الألباني اعترف بحسن حديث البزار هذا في ضعيفته (2 / 111) فقال : وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزار في زوائده ص 303 . . . . قلت : وهذا إسناد حسن كما قالوا . . . . الخ . اه‍



[ 23 ]


قلت : ثم قبل ذلك جوز في نفس الصحيفة الاستغاثة بالملائكة وبالجن لهذا الحديث ثم جنح إلى اقتصار ذلك على الملائكة ، وهو يعلم أن الأنبياء أحياء في قبورهم . . . . إلى آخر ما تقدم . وليعلم أيضا : أن ابن تيمية ذكر الحديث في (الكلم الطيب) لأنه يرى ذلك من الكلم الطيب لا من الكلم الخبيث . وقد علق الألباني (7) في صحيح الكلم الطيب على هذا الحديث بأنه : ضعيف كما خرجه في ضعيفته ، مع أنه يرى حسن إسناده وآختار أن الأصح أنه موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما بغير أدلة علمية مقبولة ، وتكهن أن ابن عباس ربما أخذ ذلك من أهل الكتاب ، واني أعجب من الألباني ! هل يجوز على ابن عباس أن يأخذ الشرك من أهل الكتاب ثم يرويه للأمة ثم يتلقاه علماء الأمة بالقبول ويعملوا به وعلى رأسهم أحمد بن حنبل أحد أئمة السنة من السلف المشهورين ؟ ! انظر صحيح الكلم الطيب ص (98) حديث (177) وتأمل في كلام ابن تيمية وتعليق الألباني عليه ، ثم تأمل في صحيفة (111) من المجلد الثاني من ضعيفة الألباني لتدرك التناقض في أعرض صوره . 4) الدليل الرابع للاستغاثة : قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (8 / 578 - 579) : أخرج قصة عاد الثانية أحمد باسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال : (خرجت أنا والعلاء بن الحضرمي إلى رسول الله (صى الله عليه وسلم) الحديث - وفيه - فقلت : أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد ، قال : وما وافد عاد ؟ وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه . . . . .) اه‍ من فتح الباري . قلت : وهذه استغاثة صريحة . 5) الدليل الخامس للاستغاثة : من استغاثات الصحابة به وإقرارهم لمن (7) واعلم بأنني لا أذكر كلام ابن تيمية والألباني لأنني أعتمد على كلاهما ، ولكن ليكون حجة على من يقلدهما لأن في أقوال علماء أهل السنة ما يغني .



[ 24 ]


فعل ذلك بعد موته (صلى الله عليه وسلم) : قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2 / 495) : روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار - وكان خازن عمر - قال : (أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال ؟ يا رسول الله استسق لامتك فانهم قد هلكوا . . . .) . ، قلت : ومالك الدار ثقة بالإجماع عدله ووثقه سيدنا عمر وسيدنا عثمان فولياه بيت المال والقسم ولا يوليان إلا ثقة ضابطا عدلا كما نص الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته ، ونقل ذلك عن إمام المحدثين علي بن المديني ، وكذا وثقه جميع الصحابة الذين كانوا في زمن عمر وعثمان رضي الله عن الجميع ، بل نص الحافظ أن لمالك إدراك ، فهو صحابي صغير وهذا يجعله ثقة اتفاقا ، ثم روى عنه أربعة من الثقات ، ونصق على أنه معروف البخاري في تاريخه وساق هذه القصة ، وابن سعد في طبقاقه (5 / 12) وقد فصلت ذلك تفصيلا في (الباهر) وبينت ان تضعيف المعاصرين لمالك وقوله : (غير معروف العدالة) خطأ بل جهل وتدليس بالغ . فهذا الحديث يثبت بلا شك ولا ريب إجماع من حضر من الصحابة في زمن سيدنا عمر مع سيدنا عمر رضي الله عنهم على جواز الاستغاثة بالنبي (صلى الله عليه وسلم) بعد موته ، ونحن مقتدون بالصحابة في ذلك . 6) الدليل السادس للاستغاثة : حديث الدارمي في سننه أو مسنده (1 / 43) حيث قال : حدثنا أبو النعمان (8) ، ثنا سعيد بن زيد (9) ، ثنا عمرو بن مالك (8) أبو النعمان هو : عارم : واسمه محمد بن الفضل السدوسي : من رجال البخاري ومسلم والأربعة أيضا . وهو ثقة ثبت . تغير في آخر عمره . وما ظهر له بعد تغيره حديث منكر كما نص على ذلك أكابر الحفاظ كالدارقطني وأقره الحافظ الذهبي في الميزان (4 / 8) . فمن حاول أن يطعن فيه بالاختلاط فقد حاول الطعن في البخاري ومسلم ، وسجل على نفسه بأنه لا يعرف في هذا العلم كثيرا ولا قليلا ، وليس لكلامه قيمة أصلا . (9) سعيد بن زيد : هو من رجال مسلم في الصحيح . وثقه يحمص بن معين إمام الجرح والتعديل ، وقال الإمام البخاري : حدثنا مسلم بن ابراهيم ثنا سعيد بن زيد أبو



[ 25 ]

النكري (1) ، حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله (11) قال : (قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت : أنظروا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاجعلوا منه كوا إلى السماء حتى لا يبقى بينه وبين السماء سقف . قال : ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق) . قلت : وهذا صريح أيضا بإسناد صحيح بأن السيدة عائشة رضي الله عنها استغاثت بالنبي (صلى الله عليه وسلم) بعد موته وكذا جميع الصحابة الذين كانوا هناك وافقوها وفعلوا ما أرشدتهم إليه . وكأنها أيضا تقول إذا جعلتم كوا إلى السماء فأنتم تسألون النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يدعو الله تعالى أن يمطرنا من السماء ، كما كان النبي أحيانا يخرج بهم عند الاستسقاء إلى الصحراء وأحيانا على منبره (صلى الله عليه وسلم) . 7) الدليل السابع للاستغاثة : فعل علماء الأمة من السلف الصالح ومن بعدهم من المحذثين دون نكير أحد من المعتبرين حتى جاء ابن عبد الوهاب فسقى غير اتباعه مشركين (انظر كشف الشبهات له ترى العجب العجاب) . وإنما اعتبرت فعل السلف وائمة الحديث من الخلف لذلك دليلا لما الحسن الصدوق الحافظ . وقال ابن سعد : كان ثقة . وقال العجلي : بصري ثقة . وقد طعن فيه بعض الناس ولم يضره ذلك . انظر تهذيب التهذيب : (4 / 29) وكثير من الثقات وخصوصا من رجال الصحيحين تكلم بعض الناس فيهم فلم يضرهم شيئا . (10) قال الإمام الذهبي في الكاشف الذي يعطي فيه خلاصة ما قيل في الرجل (2 / 342 ترجمة رقم 4287 / 1773) : عمر بن مالك النكري : وثق . اه‍ وقال الإمام الحافظ الذهبي في الميزان (3 / 286) عنه : ثقة . اه‍ وقد صحح الحفاظ حديثه . فتشدق بعضهم في الطعن في سند حديث لا يوافق مشربهم لنيل دراهم معدودة بالنكري ما هو إلا أمر منكر لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله ، فخوف بعضهم من أن يشاع عنه أنه يجوز التوسل ما هو إلا من أكبر البراهين على خوف تضييع الدراهم التي باع بها دينه ، واشترى بها الدنيا بالآخرة فاللهم هداك ! (11) هو من رجال البخاري ومسلم ، وهو ثقة كما في الكاشف والتقريب . فالسند متصل ورجاله رجال الصحيح إلا عمرو بن مالك وهو ثقة ، والحمد له تعالى .



[ 26 ]

أوردته من الأدلة في رسالة (احتجاج الخائب بعبارة من ادعى الإجماع فهو كاذب) ومن تلك الأدلة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الحديث الصحيح : (عليكم باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) ثم جاء عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه قال كما في النسائي (8 / 235) : فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ولا قضى به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فليقض بما قضى به الصالحون . اه‍ كما في ص 27 من (احتجاج الخائب) . وعلى كل حال فآعلم : أ) أن ابن عباس روى حديث الاستغاثة الذي عند البزار مرفوعا ، وهو بإسناد حسن وقد اعترف الألباني بحسنه ثم رجح وقفه على ابن عباس كما في ضعيفته (2 / 112) فعلى هذا يكون ابن عباس ممن أجاز الاستغاثة وروى حديثها لمن بعده ولم يعتبرها شركا علما بأننا لا نقيم وزنا لما يقوله الألباني أصلا ورأسا ، وإنما نجلب مثل هذا له ولأتباعه من باب الإلزام . ب) وكذلك ورد في أثر السيدة عائشة الذي ذكرنا أن الدارمي رواه مع من وافقها من المسلمين ساعتئذ ، ومن رد هذا بحجج منطقية سمجة فليبقها لنفسه فانها لا وزن لها عندنا ، لأنه يريد دفع النصوص الصحيحة التي لا تنفيها الآيات المباركات التي يحاول أن يبطل بها تلك الأحاديث بآتفاق العقلاء . ج‍) استغاثة الإمام أحمد : روى البيهقي في الشعب وابن عساكر من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد ، وكذا عبد الله بن الإمام أحمد في المسائل (217) بإسناد صحيح اعترف بصحته الألباني (ضعيفه 2 / 111) : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج منها ثنتين راكبا وثلاثة ماشيا ، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا ، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا فجعلت أقول : (يا عباد الله دلونا على الطريق) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق . . . . اه‍ وذكر هذه القصة أيضا ابن مفلح الحنبلي تلميذ ابن تيمية في كتاب (الآداب الشرعية) .



[ 27 ]


د ، ه‍) ذكر ابن مفلح لذلك يدل على أن ذلك جائز عنده ليس بشرك كما يدعي الغلاة اليوم ، فذكر القصة في كتابه المذكور يبين أن الاستغاثة بغير الله ليست شركا عنده إلا أن اعتقد المستغيث أن المستغاث به له قوة النفع والضر بنفسه دون الله وأنه متصرف في الكون دون الله ، وانظر كيف ذكر ذلك ابن تيمية في الكلم الطيب ولم يعتبره من الكلم الخبيث صحيفة (98) حديث (177) وكيف علق على ذلك الألباني فذكر أن الحديث ضعيف ولم يقل انه حسن موقوف على ابن عباس ، وما أدري ماذا يسمى هذا ؟ ! و) الإمام الحافظ الطبراني : ذكر الطبراني في معجمه الكبير أن حديث : (إذا ضل أحدكم شيئا أو أراد أحدكم غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أغيثوني . . . .) وأن هذا مجرب ، وهذا منه تقوية للحديث وإن كان سنده ضعيفا ، ولم ينبه الإمام الحافظ الطبراني السلفي (توفي 360) أن هذا شركا يجب اجتنابه بل حض عليه . نهم الإمام الحافظ النووي رحمه الله تعالى : ذكر الإمام النووي في الأذكار في كتاب أذكار المسافر : باب ما يقول إذا انفلتت دابته : (ص 331 من طبعة دار الفكر دمشق بتحقيق أحمد راتب حموش) ما نصه : روينا في كتاب ابن السني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (إذا آنفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا فان لله عز وجل حاضرا سيحبسه) . قلت : حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة وكان يعرف هذا الحديث ، فقاله ، فحبسها الله عليهم في الحال . وكنت أنا مرة مع جماعة فانفلتت منها بهيمة وعجزوا عنها فقلته : فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام . انتهى كلام الإمام الحافظ النووي من الأذكار .



[ 28 ]

ولا أدري أيصفوه بالشرك بعد ذلك ؟ . . وقال الإمام النووي أيضا في المجموع (8 / 274) مبينا ما يستحب أن يقوله من يزور النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا وقف أمام القبر الشريف مخاطبا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ما نصه : ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا - يعني سائر الشافعية - عن العتبي (12) مستحسنين له قال : (كنت جالسا عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله وآستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي . . . . .) اه‍ كلام النووي . فانظر رحمك الله تعالى وهداك كيف أستحسن العلماء هذه الصيغة في نداء النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وطلب العفو وأن يستغفر الله له ، ونحن لا نفعل إلا ذلك ولا نستحب إلا هذا ، ولا نريد على ما ورد في الأحاديث المتقدمة أو ما جاء عن العلماء الكبار في العلم ولا نعتقد في المخلوقين أنهم يرزقون بذاتهم أو يحيون ويميتون ، فالله تعالى بين لنا في كتابه أن إسناد الفعل لغيره على طريق المجاز ليس شركا ولكن ما نصنع بمن لا يدرك المجاز وينكره أشد الانكار ، قال تعالى في شأن سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام : (وأبرئ الاكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وتدخرون في بيوتكم) آل عمران جزء من آية 49 . فلو قال شخص أن سيدنا عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى ويبرئ (12) والقصة ثابتة تناقلها العلماء وعلى فرض أنها مكذوبة فالعبرة باستحسان النووي وسائر الشافعية لهذه الصيغة المذكورة في قصة العتبي ، فهل يستحسنون الشرك ؟ ! ولا يميزون بين الشرك والإيمان ويقتصر على معرفته المرتزقة من المتمسلفين !



[ 29 ]


الأكمه والأبرص ، لم يكن كافرا ، مع أن الله تعالى هو محيي الموتى حقيقة وهو الذي يبرئ الأكمه والأبرص ، وكلنا يعتقد أن التأثير لله لا لسيدنا عيسى ، وكذلك إذا استغاث رجل برسول الله (صلى الله عليه وسلم) راجيا أن يدعو الله له في تفريج مصيبته أو كربه معتقدا أنه حي في قبره يبلغه سلام أمته أينما كانوا وتعرض عليه أعمالهم ، لم يكن ذلك شركا عند من تجرد من العصبية واتقى الله تعالى ، بل سيتحقق أن ذلك سنة وردت به الأحاديث الصحيحة ونص عليه علماء الأمة الثقات من السلف والمحدثين . فليتق الله من يأكل الدراهم متظاهرا بالدعوة إلى التوحيد والتشديد والتقييد ، ممن يركض وراء دعاة التوحيد الذين يقولون بقدم العالم بالنوع وبتجويز استقرار معبودهم على ظهر بعوضة ، هداهم الله . ح) وكذا شيخ الإمام النووي الذي حكى عنه النووي القصة في الأذكار وهو الإمام محمد بن أبي اليسر . انظر شرح الأذكار لابن علان (5 / 151) . ط) وكذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني حيث ذكر حديث ابن أبي شيبة في الفتح (2 / 495) ولم ينته أن ذلك شرك كما نبه عليه المعلق على الفتح هداه ، وكذلك عند تحسين حديث البزار الذي في الاستغاثة ، وللحافظ ايضا أبيات في قصائده هي صريح الاستغاثة واني أعرض بعض تلك الأبيات وهي ثابتة عنه ثبوت الشمس في رابعة النهار ، ولمثله من الحفاظ أيضا أبيات كثيرة كابن دقيق العيد وابن سيد الناس وغيرهم ، فليحارب بعد اليوم المأجورون الحافظ ابن حجر الذي يقول أبياتا أبلغ من أبيات الإمام البوصيري رحمهما الله تعالى . ومهما حاول هؤلاء أن ينفوا ذلك عن الحافظ أو يتهربوا منها أو من الجواب عليها فلن يستطيعوا ، وهذه بعض الأبيات : قال الإمام ابن حجر : نبي الله يا خير البرايا بجاهك أتقي فصل القضاء وأرجو يا كريم العفو عما جنته يداي يا رب الحباء فقل يا أحمد بن على اذهب إلى دار النعيم بلا شقاء أنظر ديوان الحافظ ابن حجر (المطبوع بالهند المكتبة العربية / حيدر أباد الدكن سنة 381 اه‍ وهي طبعة مصححة) توجد نسخة من الكتاب بمكتبة



[ 30 ]


الجامعة الأردنية ، وقد نقل الأبيات أيضا العلامة يوسف النبهاني من خط الحافظ ابن حجر كما ذكر ذلك في مجموعة القصائد النبهانية (1 / 166) فانظر ذلك . وهناك أبيات أخرى لا أود إطالة هذه الرسالة بها فليراجعها من شاء . فقد نقلت في هذه العجالة الاستغاثة عن ابن عباس ومالك الدار والسيدة عائشة وبلال بن الحارث المزني صاحب حديث مالك الدار عند ابن أبي شيبة ، وكذا يدخل بذلك جميع من حضر من الصحابة والتابعين ، وكذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى والطبراني والنووي الذي نقل استحباب ذلك عن الشافعية والحافظ ابن حجر ، وأظن أن في ذلك اقناعا لكل لبيب أن يتقي الله تعالى ويعلم أن هذا الأمر جائز شرعا . حجة من يحرم الاستغاثة من السنة : استدل من حرم الاستغاثة بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق قال : قوموا بنا نستغيث برسول الله (صلى الله عليه وسلم) من هذا المنافق ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله تعالى) وهذا حديث ضعيف ذكره محدث . العصر السيد عبد الله الغماري في (الرد المحكم المتين) وقد روى هذا الحديث الطبراني وفي سنده ابن لهيعة وهو ضعيف ، ذكره الهيثمي في المجمع (8 / 40) قال رواه أحمد وفيه راو لم يسم وابن لهيعة ، وذكر في المجمع (10 / 159) أن ابن لهيعة حسن الحديث ، وليس كذلك فقد ضعفه هو وغيره مرارا ، مع أن الحديث يخالف الأحاديث الصحيحة وخصوصا حديث الصحيحين الصريح في الاستغاثة ، ولو صح هذا الحديث كان حجة على أن الاستغاثة ليست كفرا وانما تركها هو الأدب والأفضل لأن أبا بكر أعرف الناس وأفقه الناس بالقرآن بعد النبي من أمته فيما يوجب الكفر من غيره ، وأيضا لم يأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتشهد ويدخل من جديد في الإسلام .

31 ]
هذه هي حجة مانعي الاستغاثة الذين يكفرون عباد الله جزافا لغير موجب للتكفير ، وهي مهلهلة كما رأيت ، وذلك مبلغهم من العلم ويرددون آيات لا يدركون معناها سنجيب عنها الآن إن شاء الله تعالى سريعا ، مع أننا على استعداد تام لأن نتوسع في شرحها ونبرهن عليه وننقل أقوال العلماء متى احتاج الأمر لذلك . من تلك الآيات التي يحتجون بها : (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) ومن المعلوم بداهة : أن أشخاصا كثر قد سألوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الدعاء وغيره ودعا لهم وأعطاهم ، ولم يتنافى هذا مع الآية ، لأن الآية الكريمة تقرر أنه ليس شرطا في الدعاء اتخاذ الوسائط والوسائل وأيضا ليس فيها ما يمنع ذلك ، فهي تقرر أن الإنسان له أن يدعو الله تعالى متى شاء دون واسطة سواء كان في حياة النبي أو بعد وفاته . ومن تلك الآيات التي يوردونها ويضعونها في غير محلها أيضا : قوله تعالى : (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا) . ومعنى ذلك : أي لا تعبدوا غير الله تعالى ولا تعبدوا معه هذه الأوثان التي قال الله عنها : (واتخذوا من دونه آلهة) مع أنه قال أيضا : (أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) فهم لم يكن أحد منهم موحدا لا الرب ولا الإله لأن الرب هو الإله والإله هو الرب ، وقد فصلت هذا في رسالة التنديد بمن عدد التوحيد . ومنها قوله تعالى : (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) . فاطر 13 . ومعنى الآية مختصرا : والذين تعبدون من دون الله بسجودكم لهم واعتقادكم فيهم الألوهية كمن يعبد منكم الأصنام أو المسيح أو الكواكب أو يعبد أشخاصا من العظماء في الدنيا من دون الله العظيم حقيقة لا يملكون من قطمير لكم أي لفافة نواة تمر ، كاولئك الفرس مثلا الذين كانوا يعبدون كسرى والذين سألهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن سبب حلقهم



[ 32 ]

للحاهم فقالوا : أمرنا بذلك ربنا يعنون كسرى ، ولأن هؤلاء الذين عبدوهم من دون الله إذا ادعوا الربوبية أو لم يدعوها لا يستطيعون تخليص عبدتهم من النار والعذاب ، وسيتبرئون يوم القيامة ممن عبدهم ، وهذا لأن النصارى مثلا اعتقدوا الربوبية والألوهية في المسيح وكذا اليهود في عزير وكذا عبدة الأصنام في أصنامهم ، وأما قولهم : (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فهو كذب منهم بنص القرآن ، لأنهم لا يقولون ذلك إلا عند محاجة النبي لهم وإفحامه اياهم فيضطرون لقول مثل هذا ، ولذلك قال الله عقب هذه الآية : (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) والذي يؤكد ذلك أنهم يأبون أن يسجدوا لله تعالى : (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) وكذلك لا يقرون بالبعث (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ، قل يحيها الذي أنشاها أول مرة وهو بكل خلق عليم) والمستغيث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس كذلك من جميع الوجوه فهو يسجد للرحمن ويدعوه ولا ينكر البعث ولم يعبد غير الله تعالى ، وحصر الدعاء بالعبادة غلط ثم غلط ثم جهل مركب ، لأن واحدا من معانيه العبادة وله معان أخرى ، فتعميم حديث (الدعاء هو العبادة) على كل دعاء من الجهل البالغ إلى الذروة وهو ينبئ أن القائل بذلك ليس له دراسة في علوم اللغة والتفسير وفهم كلام اللة تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم حق الفهم (13) ، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعا أشخاص أحياء وكذلك دعا الأموات فقال لهم : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين - للأموات من أهل القبور - ، والمسغيث لم يأب السجود للرحمن ولم ينكر (13) وإنما بنى كلامه على التدليس ومن قرأ مثل كتاب التوصل إلى حقيقة التوسل ظهر له ذلك جليا ، فان تجريحه للرجال في النصوص التي تخالف هواه بذكر الجرح وإغفال التعديل تحكم بالهوى وتقليد للسهسواني المدلس القاصر في هذا العلم ، ومن تدبر ذلك سيقتنع بما أقول ولن يخالفني في حرف مما أقوله ، فتبا ثم تبا لمن قدم الباطل لأجل المال على الحق الابلج ، وتبا لمن نقل عن مثل هذه الكتب المزورة وهو لا يعي ما ينقله ، وعند الله تجتمع الخصوم .



[ 33 ]

البعث فقياس أولئك على هؤلاء غلط محض . وأعود فأكرر بأن مسألة الاستغاثة لا علاقة لها بالعقيدة البتة . إلا في نظر البسطاء الذين لم يمعنوا النظر في الكتاب والسنة . فجميع الآيات التي فيها اعتراف من الكفار بالله كقولهم (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) و (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) ليس فيها أنهم كانوا يقرون بتوحيد لأن الله تعالى أخبر فقال بعد إحدى تلك الآيات كما في الزمر 3 (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) . وكذلك حديث (إذا سالت فاسأل الله) الذي رواه الترمذي والذي عليه كلام لبعض الحفاظ وهو حديث حسن على كل حال . قال النووي في شرحه عليه في الأربعين صحيفة 51 : قوله (إذا سألت فاسأل الله) : إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن يعلق سره بغير الله تعالى بل يتوش عليه في سائر أموره ، ثم إن كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أبدي خلقه كطلب الهداية والعلم والفهم في القرآن والسمنة وشفاء المرض وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة سأل ربه ذلك وان كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أن الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقه كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور سأل الله تعالى أن يعطف عليه قلوبهم فيقول : اللهم حنن علينا قلوب عبادك وامائك ، وما أشبه ذلك ولا يدعو الله تعالى باستغنائه عن الخلق لأنه صلى الله عليه وآله وسلم سمع عليا يقول : اللهم اغننا عن خلقك فقال لا تقل هكذا فإن الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض ، ولكن قل : اللهم اغننا عن شرار خلقك . وأقا سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم . انتهى كلام النووي ص 51 (شرح الأربعين طبعة الشمرلي القاهرة الطبعة السادسة) . فتبين من ذلك : أن سؤال غير الله تعالى ليس شركا ولا منهيا عنه إلا ان آعتقدنا أن للمسؤول صفة الألوهية ، والمسلم مراقب لله تعالى في جميع



[ 34 ]

أحواله ، ولا يمتنع عليه أن يسأل غير الله تعالى ، والحديث يدل على مراقبة الله تعالى واعتقاد أنه سبحانه هو المؤثر في كل حال وفي كل شئ حقيقة لقوله سبحانه : (والله خلقكم وما تعملون) ولقوله (الله خالق كل شئ) ولذلك أورد النووي رحمه الله تعالى هذا الحديث في باب المراقبة من رياض الصالحين . والنبي صلى الله عليه وآله وسلم سال غير الله تعالى أشياء كثيرة ، فقد سأل سيدنا عمر رضي الله عنه أن يدعو له عندما استأذنه في الذهاب للعمرة كما رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح . وأقر الصحابة أن يسألوا غير الله تعالى أشياء ، ففي سنن أبي داود في كتاب الزكاة : باب عطية من سأل بالله : أي سأل الناس قائلا : بالله عليكم أعطوني ، فروى أبو داود والنسائي مرفوعا : (من سألكم بوجه الله تعالى فآعطوه) ولم يقل كفروه ، لحديث : (وإذا سألت فاسأل الله) ! ! . ولا أريد الإطالة بعد هذا البيان بنقل مئات النصوص من مثل هذه الشواهد التي تنسف استدلالات من لم يعرف الاستدلال ، ومنه يتبين أن منطق هؤلاء الذين يحرمون الاستغاثة منطق سخيف سطحي جدا ، ينبئ عن قلة معرفتهم وضعفهم في علوم الشريعة المختلفة ، حيث ضعف فهمهم عن دقائق المسائل الشرعية ، أو أن المال المميل فعل بهم ما فعل فجعلهم . . . . وقد تجتمع هذه الأسباب أيضا ، فنسأل الله تعالى الهداية دوما للصواب . (خاتمة) : لم نر من حزم الاستغاثة من السلف الصالح رضي الله عنهم وإنما ظهر هذا في القرن الثامن فما بعد ، وقد نقلنا في هذه العجالة نصوصا عن بعض السلف في تجويز الاستغاثة وفي الحض عليها ، ونقل الإمام الحافظ الذهبي في ممير أعلام النبلاء نصوصا في ذلك أيضا عن السلف فمثلا : في سير الاعلام (9 / 343) : قال ابراهيم الحربي - وهو من هو - : قبر معروف الترياق المجرب . يريد إجابة دعاء المضطر عنده لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء . اه‍ كلام الذهبي .



[ 35 ]

وفي السير ايضا (10 / 107) في ترجمة السيدة نفيسة : والدعاء مستجاب عند قبرها ، بل وعند قبور الأنبياء والصالحين . . . الخ اه‍ . ونحن ننصح المتمسلفة أن يذهبوا إلى قبر سيدنا أبي عبيدة ويدعوا الله . تعالى ، متوسلين أو مستغيثين به رضي الله عنه ليدلهم الله على الحق ويلهمهم الصواب وليخلصهم من الميل إلى الدراهم التي يقلبون بها الحق باطلا والباطل حقا . (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ، اللهم أسالك حسن الختام . قال مؤلفها حسن بن علي السقاف فرغت منها 2 / ذي القعدة / 1409 اه‍ والحمد لله . (تنبيه وإلحاق) : طعن الألباني بحديث : (ما من أحد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) . فضعفه في تعليقه على كتاب الآيات البينات ص (70) الطبعة الرابعة (1405 ه‍) وذكر أنه بين ذلك في ضعيفته (4493) والحقيقة أنه حرف في النقل على عادته فضعف الحديث بحجج أوهى من بيت العنكبوت وقلد نعمان ابن الآلوسي في تضعيفه علما بأن نعمان الآلوسي لا يرجع إليه في هذا الفن فأقره على نقل غير صحيح عن ابن رجب فأتم ما أراده ولنبين ذلك فنقول : قال ابن رجب الحافظ في كتابه أهوال القبور ص (82) دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1405 حديث رقم (278) ما نصه :



[ 36 ]

وروى الربيع بن سليمان المؤذن قال حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (ما من أحد يمر على قبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا يسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) خرجه ابن عبد البر وقال الحافظ عبد الحق الاشبيلي : إسناده صحيح يشير إلى أن رواته كلهم ثقات ، وهو كذلك ، إلا أنه غريب بل منكر . اه‍ كلام ابن رجب من الأهوال . تعليقاتنا على كلام ابن رجب هذا وما نستفيده منه : 1) قوله (وروى الربيع بن سليمان) يشير إلى أنه ثبت عن الربيع من طرق وهو كذلك ، فقد رواه عنه الخطيب في تاريخه (6 / 37) بإسنادين رجالهما ثقات ، وكذا ابن الجوزي في العلل المتناهية (2 / 91 1) طبعة خليل الميس حديث 1523 ، وكذا رواه الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار (1 / 234) كما سيأتي إن شاء الله تعالى . فالحديث ثابت عن الربيع بلا ريب . 2) رجاله الذين ذكرهم ابن رجب رجال الصحيح إلا الربيع بن سليمان وهو ثقة متفق عليه انظر تهذيب التهذيب (3 / 213) . 3) الحديث صحح إسناده ومتنه جماعة من الحفاظ منهم : الإمام الحافظ ابن عبد البر في التمهيد والاستذكار ، وذكر ذلك ابن القيم في كتاب الروح لكن محقق كتاب الروح الواقع في أسر تقليد الألباني رد على ابن القيم ، كما في طبعة دار الفكر صحيفة (11) حيث قال : معلقا على الحديث : قال الحافظ ابن رجب ضعيف بل منكر ووافقه شيخنا الألباني كما في الآيات البينات ص 28 اه‍ . ونجيبه فنقول : إن ابن رجب لم يقل في الأهوال (ضعيف بل منكر ، بل قال : صحيح الإسناد إلا أنه غريب بل منكر . اه‍ ومراد ابن رجب الحنبلي بالغريب وبالمنكر أنه ليس له إلا إسناد واحد



[ 37 ]

لكنه لم يصب في ذلك بل له أكثر من إسناد . قال المحدث اللكنوي في الرفع والتكميل (ص 200 من الطبعة الثالثة بتحقطق الأستاذ المحدث عبدالفتاخ أبو غدة) ما نصه : ولا تظنن من قولهم : هذا حديث منكر أن راويه غير ثقة ، فكثيرا ما يطلقون النكهارة على مجرد التفرد . اه‍ وقال الحافظ السيوطي في رسالته (بلوغ المأمول في خدمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، وهي في كتابه (الحاوي للفتاوي) (2 / 13) : (وصف - الحافظ - الذهبي في الميزان عدة أحاديث في (مسند أحمد) و (سنن أبي داود) وغيرهما من الكتب المعتمدة ، بأنها منكرة ، بل وفي (الصحيحين) أيضا ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ ، وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ، ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث ، فضلا عن بطلانه) . اه‍ وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري ص (437 السلفية دار المعرفة) : عند ذكر (محمد بن ابراهيم التيمي) وتوثيقه مع قول أحمد فيه : يروي أحاديث مناكير . قلت : المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له فيحمل هذا على ذلك ، وقد احتج به الجماعة اه‍ وقال أيضا عند ذكر ترجمة (بريد بن عبد الله) ص (392) : أحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة . اه‍ أما محقق كتاب الروح طبع دار الفكر فليس ثم هناك . فالحديث صححه الحافظ ابن رجب ، وكذلك صححه أيضا الحافظ (المتخصص في علل الحديث) عبد الحق الإشبيلي في كتابه (العاقبة) ، كما نقله ابن رجب في الأهوال والزبيدي في الإتحاف (10 / 365) . وكذلك صححه الإمام الحافظ السيوطي في الحاوي للفتاوي (2 / 302) بإقراره لعبد الحق . وكذلك صححه الحافظ العراقي كما في الاحياء (4 / 491) وشرح الإحياء للزبيدي (10 / 365) وكذلك الزبيدي .



[ 38 ]

وأفاد الحافظ العراقي في تخريج الإحياء أن ابن عبد البر روى الحديث في التمهيد والاستذكار بإسناد صحيح ، وقال المتقي : سنده جيد اه‍ 4) ابن رجب نقل في الأهوال تصحيح الحافظ عبد الحق وأقره عليه ، بقوله : وهو كذلك ، والظاهر أنه لم يطلع إلا على هذه الطريق فحكم عليه بأنه غريب وليس كذلك ، وعلى كل حال لا تضر الغرابة ، فحديث (انما الأعمال بالنيات) غريب وهو في الصحيحين . 5) وعلى فرض أن ابن رجب عنى بقوله (منكر) كما تخيله الألباني وأراد أن يثبته فلسنا ملزمين به قطعا ، وإنني أتسأل متعجبا ما هو سر تعويل الألباني على كلام ابن رجب دون باقي الحفاظ ؟ ! وإنني أخشى أن السبب فقط هو مخالفة الحديث لمشرب الألباني ! علما بأنه لا يعول على كلام الحفاط أصلا وإنما يسعى للاستقلال برأيه ويدعي كما في مقدمته الجديدة لآداب زفافه ص (30) أنه لا يقلد أحدا يعني من الحفاظ وأهل الحديث فلينظر . 6) ويقال له أيضا لم حرفت كلام ابن رجب : (إسناده صحيح . . . وهو كذلك إلا أنه غريب بل منكر) إلى (ضعيف بل منكر) ووافقت الآلوسي على تحريفه أيضا فأين الأمانة العلمية ؟ ! واين الإنصاف ؟ ! ولا ندري هل سيزيد المذكور في ضعيفته استدراكا جديدا يرد ما زيفناه وابطلناه ، أم سيرجع إلى ما قاله الحفاظ فيصحح الحديث ؟ ! سرد أسانيد الحديث التي وقفنا عليها : 1) روينا بأسنادنا المتصل إلى تاريخ الخطيب البغدادي الحافظ (6 / 137) في ترجمة ابراهيم بن عمران الكرمافي ، قال الخطيب : أخبرنا أبو الخطاب عبد الصمد بن محمد وعلي بن المحسن التنوخي ، قالا : أنبانا عمر بن محمد الناقد حدثنا ابراهيم الكرماني قال حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن (ح) وأخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن السراج بنيسابور قال : حدثنا أبو العباس الأصم ثنا الربيع ثنا بشر بن بكير ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .



[ 39 ]

وفي حديث الكرماني عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) . 2) وروينا بأسانيد متصلات إلى ابن الجوزي في العلل المتناهية قال : أخبرنا أبو منصور القزاز اخبرنا الخطيب البغدادي به ، كما تقدم عن الخطيب في التاريخ . انظر العلل المتناهية بتقديم الميس (2 / 911) حديث (1523) . 3) رروينا بالسند المتصل إلى الحافظ ابن عبد البر في استذكاره (1 / 234) : قال : حدثنا أبو عبد الله عبيد بن محمد رحمه الله تعالى قراءة مني عليه قال : أملت علينا فاطمة بنت ريان المخزومي المسلمي في دارها بمصر في شوال سنة اثنتين وأربعون وثلاثمائة قالت : حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ثنا بشر بن بكر عن الاوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن . . . .) الحديث . وهذا اسناد نظيف صحيح كما ترى وتصحيح ابن عبد الحق الحافظ للحديث في أحكامه (ص 272 / 1 / ق) توثيق صريح لشيخ ابن عبد البر عبيد بن محمد الذي قال عنه صاحب جذوة المقتبس فيه (ص 227) كان رجلا صالحا يضرب به المثل في الزهد اه‍ ونص في توثيق فاطمة بنت الريان المصرية التي لا يسأل عن حال مثلها . وأقا قول المعلق على العلل المتناهية على هذا الحديث : أن عبيد بن عمير مجهول والظاهر أنه مولى ابن عباس كما في التقريب والميزان اه‍ فجهل وخطأ منه ، بل عبيد بن عمير هذا من رجال الستة ثقة كما في تهذيب التهذيب فتأمل وراجع ان شئت . وهذا السند الصحيح يشد سند عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيجعله حسنا بلا شك وبدل أن يبين الألباني هذه المتابعة ، ويورد شواهد له من الأحاديث الصحيحة - أعني سند عبد الرحمن بن زيد - الضعيف ، زاد في نغمة



[ 40 ]

طنبوره في تعليقه على الآيات البينات (ص 70) فأورد حديثا رواه عبد الرزاق بسند تالف ليوهم أنه ليس للحديث شاهد أو متابع سواه ، وهذا بلا ريب ولا شك من التلاعب المعروف فليستيقظ المخدوعون وليتنبه الغافلون . وعبد الرحمن بن زيد الذي في أحد أسانيد الحديث ضعيف ، له أحاديث حسان إذا تابعه ثقة لا شك أن حديثه يكون صحيحا . وقد قال عنه ابن عدي في الكامل : له أحاديث حسان وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم وهو ممن يكتب حديثه اه‍ . والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . كتبت هذا الإلحاق لرسالتي الإغاثة بأدلة الاستغاثة وفرغت من تبييضه ليلة الجمعة 23 / محرم / 1410 ه‍ والحمد لله .



[ 41 ]

صدر للمؤلف الشيخ حسن بن علي السقاف شك من التلاعب المعروف فليستيقظ المخدوعون وليتنبه الغافلون . وعبد الرحمن بن زيد الذي في أحد أسانيد الحديث ضعيف ، له أحاديث حسان إذا تابعه ثقة لا شك أن حديثه يكون صحيحا . وقد قال عنه ابن عدي في الكامل : له أحاديث حسان وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم وهو ممن يكتب حديثه اه‍ . والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . كتبت هذا الإلحاق لرسالتي الإغاثة بأدلة الاستغاثة وفرغت من تبييضه ليلة الجمعة 23 / محرم / 1410 ه‍ والحمد لله .



[ 41 ]

صدر للمؤلف الشيخ حسن بن علي السقاف القرشي الهاشمي الحسيني الشافعي - الإغاثة بأدلة الاستغاثة . - إلقام الحجر للمتطاول على الأشاعرة من البشر . - إعلام الخائض بتحريم القرآن على الجنب والحائض . - احتجاج الخائب بعبارة من ادعى الإجماع فهو كاذب . - القول المبتوت في صحة حديث صلاة الصبح بالقنوت . * * * - فتح المعين بنقد كتاب الأربعين ويليه بيني وبين الشيخ بكر . للإمام المحدث عبد الله بن الصديق الغماري . تقديم وتعليق وتحقيق الشيخ حسن بن علي السقاف . مكتبة الإمام النووي / عمان - الأردن

حقيقة صوفية حضرموت