بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
القول المختصر البديع
في استحباب التوسل بالنبي الشفيع
صلى الله عليه وآله.
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،سيدنا ومولانا محمد أشرف الوجهاء وأعظم الأسباب للمنح والعطايا،نبي له في حضرة القدس منزل ،و حجابه الأملاك وهو مبجل،اللهم صلّ عليه وعلى آل بيته الطاهرين الأطهار، فاطمة وبعلها وبينها، ونسألك بالسر المستودع فيها، وعلى أزواجه الطاهرين، أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه أجمعين، أصحاب بدر وأحد، ومن تبع هداهم إلى يوم الدين،..وبعدُ:
فإنّه لما كثر الكلام، وزاد الملام، من أعداء سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام، بقولهم أن التوسل به شرك ردي، وقول غوي، رغم أنّ هذه المسألة -أقصد التوسل بالأنبياء والأولياء- لم تكن محل نقاشا في الزمن القديم، بل أثراها من خالف المنهج القويم، مبتدعا رأيا سقيم،وهو الشيخ ابن تيمية الحرّاني، من أجمع العلماء على خطأه،وبيان فحش مذهبه، في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل التي خالف فيها الإجماع بعد انعقاده،فسج بمرسوم العلماء الحنفية والمالكية والشافعية و الحنابلة،وبينوا انه لا مذهب لقوله، ولاستناد لحكمه، لأنه مردود بمخالفة كبار العلماء قال الشيخ الحافظ العلامة السبكي (( لم يسبق ابن تيمية في إنكاره التوسل أحد من السلف ولا من الخلف بل قال قولا لم يقله عالم قبله )) في شفاء السقام ،فانظر بعين الإنصاف، لا بعين الإجحاف،تعلم أنّه سجن بحق،وهو الحري لمن يقول قولا،ويبتدع رأيا،يخالف به من قبله ويدّعي أنه الإجماع المنقول فينمّي لهم الأقوال وهم منها برءاء قال الحافظ أمير المؤمنين ابن حجر في الفتح "3/66" ((والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شدّ الرحال إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكرنا-أي الحافظ ابن حجر- صورة ذلك وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية؟--تأمل--)) ذكر الشيخ ابن شاكر في عيون التواريخ ص179((الصورة المنقول بخط القضاة الأربعة بالقاهرة المحروسة على ظهر الفتيا, الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال من قوله إن زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة وما ذكره من حول ذلك وإنه لا يرخص في السفر لزيارة الأنبياء فهو باطل مردود عليه, وقد نقل جماعة من العلماء الكبار أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة وسنة مجمع عليها ,وهذا المفتي المذكور –ابن تيمية – ينبغي أن يزجر عن مثل هذه المقالة والفتاوي الغريبة, ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ,ويشهر أمره ليتحفظ الناس الإقتداء به ,كتب محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة وكذلك يقول محمد بن الحريري الأنصاري الحنفي لكن يحبس الآن جزما مطلقا كتب المذكور كذا ذلك يقول أحمد بن عمر القدسي الحنبلي كذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي إن ثبت عليه ذلك يبالغ في زجره حسبما تندفع هذه المفسدة وغيرها من المفاسد))
وقال أيضا العلامة المحقق المحدث عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي في " إبراز الغي الواقع في شفاء العيّ " : ((و أما نفس زيارة القبر النبوي فلم يذهب أحد من الأئمة وعلماء الملة إلى عصر بن تيمية إلى عدم شرعيته بل اتفقوا على أنها من أفضل العبادات وأرفع الطاعات ، واختلفوا في ندبها ووجوبها ، فقال كثير منهم بأنها مندوبة، وقال بعض المالكية والظاهرية : إنها واجبة وقال أكثر الحنفية أنها قريبة من الواجب ، وقريب الواجب عندهم في حكم الواجب ، وأول من خرق الإجماع فيه وأتى بشئ لم يسبق إليه عالم قبله هو ابن تيمية )) . اهـ . تأمّل!!؟.
وفي موضوعنا بيان وتأصيل لذلك، أي أنه ابتدع رأيا لم يكن يعرف إلا في زمنه، وكذا بيان شرعية التوسل، وأنه الذي عليه العمل، وذكر من توسل من العلماء المشهورين، وذكرت المشهور دون المستور إرضاء لهم، ومراعاة لخواطرهم الحساسة في هذه المسألة التي كما يقولون-أي الوهابية!- تدخل في باب الشرك والكفر، لذا نتنزل قليلا لكي يكون لنا معهم حظ التفهيم والإرشاد، وعلى الله الاستناد، وقبل الدخول في موضوع التوسل أردت أن أضع مقدمة كتمهيد في بيان أن ابن تيمية طرقي قادري لكي يرى المخالف فيه ما نراه فيه في مسائل أخرى!!ولتكون هذه وسمة عار أيضا وبيان لتناقضهم!! وإن كانت لا تغنيه شيئا لأنه كما أثبتها هنا رفضها في موضع آخر!!؟ فأقول وعلى الله أتكل:
بيان لبس ابن تيمية الخرقة الصوفية البدعية؟؟:
قد يبدوا هذا القول غريبا بعض الشيء وخاصة بمن تعلق بأقوال الشيخ ابن تيمية المناقضة بقول لبس الخرقة الصوفية المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ولسنا هنا في معرض إثبات اتصال السند،فإنه واضح وضوح الشمس في كبد السماء، ويكفي الرجوع إلى المظان الخاصة بإثبات ذلك، وانظر هنالك، مثلا بحوث العلامة الحافظ السيوطي رحمه الله، وكذا الشيخ سيدي الحافظ العلامة الغماري، في بيان انتساب الصوفية للإمام علي عليه السلام وبيان إثبات سماع الإمام حسن من الإمام علي عليه السلام.
انتسب الشيخ ابن تيمية للطريقة القادرية لمؤسسها العلامة القطب سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه ومما يشهد بذلك دفاع ابن تيمية الكثير على القطب سيدي عبد القادر الجيلاني وتأويل عباراته كما هو موجود في مجموع فتاويه في مسألة القدر وتأثير الأرواح وقوله بشطحات الصوفية وكذا ذكرها الشيخ ابن القيم وذكر بعض طلاسم ابن تيمية الذي عجز الشيخ ابن القيم ورغم منزلته العظيمة عند الحنابلة أن يحل طلاسمه بل فوضها وسلم له قوله كما في المدارج!!؟ وكذا تسليم قول شيخ الإسلام الهروي الصوفي بقوله بوحدة الوجود والإتحاد كما يسميها المخالف؟!!وبعد هذا تجده ينكر على الكثير من العلماء القائلين بما قال به شيخه!!وهذا المبحث يطول ونحن في معرض الإثبات لا الرد..لقد حكى الشيخ ابن عبد الهادي(ت 909) أن ابن القيم وابن تيمية لبسا الخرقة وأنه بين ابن تيمية وبين الشيخ القطب الجيلاني ثلاث شيوخ هم محل إجلال عند ابن تيمية ابن قدامة وابن قدامة وابن قدامة وهم شيوخ المدرسة الحنبلية وأثنى عليهم في كثير من فتاويه وقد قام دارس والباحث في المدرسة الحنبلية المستشرق جورج المقدسي ذو الأصل اللبناني في مقالات منشورة عام 1970 بعنوان "ابن تيمية صوفي من الطريقة القادرية"
".... وفي كتاب ليوسف بن عبد الهادي الحنبلي سماه بدء العلقة بلبس الخرقة
وذكر فيها –أي ابن عبد الهادي- ابن تيمية في سلسة الطريقة مع غيره من شيوخ الحنابلة.
وسلسلة الخرقة تنازليا هي:
*عبد القادر الجيلاني 561 هـ
*أبو عمر ابن قدامة 607 هـ
*موفق الدين ابن قدامة620 هـ
*ابن أبي عمر ابن قدامة 682 هـ
*ابن تيمية 728 هـ
*ابن القيم 751هـ
ثم ذكر كلاما مهما جدا وهو نقل عن ابن تيمية نفسه (....وقال ابن تيمية في المسائل التبريزية …. مخطوطة دمشق الظاهرية : " لبست الخرقة المباركة للشيخ عبد القادر وبيني وبينه اثنان " . )
مع العلم أنه ذكر أن أبو عمرو وموفق الدين لبسا الخرقة هما الاثنان من عند سيدي عبد القادر الجيلاني على ما ذكره الحافظ العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله.
والشيخ ابن عبد الهادي هذا هو غير تلميذ ابن تيمية المعروف صاحب صارم المنكي(والصواب المنكيء إرشاد من العنوان) وهو صاحب عقيدة حشوية كابن عبد الهادي الأول لكي لا نقول بان الرجل ينسب لابن تيمية خلاف الواقع لأن العقيدة واحدة والمنهج واحد فتفهم ومما يزيد بيانا ووضوحا قوله أي الشيخ يوسف ابن عبد الهادي في نفس مبحثه ناقلا عن ابن ناصر الدين
(( وأحد طرقها التي بها نقلت إلينا ولله الحمد وصلت الطريقة التي أشار إليها بقية العلام وأحد مشايخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله قال:وقد كنت لبست خرقة التصوف من طرف جماعة من الشيوخ من جملتهم الشيخ عبد القادر الجيلي وهي أجل الطرق المشهورة, وقال مرة: فأجل الطرق طريق سيدي عبد القادر الجيلي رحمة الله عليه.اهـ
فانظر رحمك الله تعالى إلى قوله!!؟؟ -وهي أجل الطرق المشهورة وقارن بينه وبين ما يقوله أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أتباع هذه الطريقة المباركة!!ونذكر هنا الخلاصة التي ذكرها سيدي العلامة محمد حافظ تيجاني في مجلة طريق الحق ص17 سنة 1396 الصادرة في شهر رجب سند ابن تيمية في الفقه الحنبلي والطريقة القادرية
(( ..... لذلك أحببنا نشر هذا السند ليتضح ذلك لمن أراد الإنصاف , قال الإمام محمد بن محمد بن سليمان الرودانى في ص 130 ظهر سلسلة الفقه الحنبلي أخذته مع الطريقة القادرية إذنا عن قدوة الحنابلة في زمانه علما وعملا أبى عبد الله محمد بدر الدين البلبانى الصالحى وكتب لي سلسلته فقال أروى الفقه والطريقة القادرية وغيرهما مما يجوز لي وعنى روايته عن شيخ الإسلام الشهاب بن على الوفائى المفلحى ,عن شرف الدين موسى بن سالم الحجاوى وعن القاضي برهان الدين بن مفلح , وهما عن والده نجم الدين بن مفلح , عن والده القاضي برهان الدين صاحب الفروع ,عن جده شرف الدين , عن عبد الله بن مفلح والشيخ تقي الدين بن تيميه والأول عن جده قاضى القضاة جمال الدين المردوى عن التقى سليمان بن حمزة , والثاني عن شمس الدين بن أبى عمر عن عمه موفق الدين بن قدامة , وهو والتقى بن حمزة عن قطب المذهبين مولانا الشيخ عبد القادر الكيلانى , عن الإمام محفوظ أبى الخطاب عن القاضي أبى يعلى ,عن مولانا الحسن بن حامد , مولانا أبى بكر عبد العزيز , محمد بن محمد الخلال , عن أبى بكر المرزوى , عن الإمام المبجل أبى عبد الله احمد بن محمد بن حنبل عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , أي إن ابن تيمية اخذ الطريقة القادرية والعلوم والفقه عن موفق الدين بن قدامة عن مولانا الشيخ عبد القادر الكيلانى رضي الله عنه " أهـ باختصار فانظر!!.
والذي لا سبيل لردّه لانه واضح في كتابه هو سند الحافظ الذهبي!! السلفي كما يقول المخالف فقد جاء في سير أعلام النبلاء الجزء 22 / 377 :
((..ألبسني خرقة التصوف شيخنا المحدث الزاهد ضياء الدين عيسى بن يحيى الانصاري بالقاهرة ، وقال : ألبسنيها الشيخ شهاب الدين – أي السهروردي الصوفي المعروف - بمكة ، عن عمه أبي النجيب)) فالتنظر الوهابية في أمر هؤلاء المبتدعة على ميزانهم الشرعي!!... ونختم الآن بعالم آخر لطالما رأيت استدلالهم به فأقول هو العالم العلامة الشيخ الحافظ المحدث ابن الصلاح رحمه الله وعنا به قال الحافظ العلامة المجتهد السيوطي الشاذلي رضي الله عنه
في تأييد الحقيقة العلية ص 13 :
((..قال ابن الصلاح و لي في لبس الخرقة اسناد عالي جدا ألبسني الخرقة أبو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي قال أخذت الخرقة من أبي اللأسعد هبة الرحمن ابن أبي سعيد عبد الرحمن بن أبي القاسم القشيري قال أخذت الخرقة من جدي ابي القاسم و هو أخذها من أبي علي الدقاق و هو أخذها من أبي القاسم ابراهيم بن محمد بن حمويه النصراباذي و هو أخذها من ابي بكر دلف بن جحدر الشبلي و هو أخذها من الجنيد و هو أخذها من السري السقطي و هو أخذها من معروف الكرخي و هو أخذها من داود الطائي و هو أخذها من حبيب العجمي و هو اخذها من الحسن البصري و هو أخذها من على بن أبي طالب و هو اخذها من النبي صلى الله عليه و سلم .
قال ابن الصلاح وليس بقادح فيما أوردناه كون لبس الخرقة غير متصل إلى منتهاه على شرط أصحاب الحديث في الأسانيد فإن المراد ما تحصل به البركة والفائدة باتصالها بجماعة من السادة الصالحين،))
وإن كان قول الشيخ الحافظ ابن الصلاح بقوله أن السند غير متصل غير مسلم وهو بناء على أن الإمام حسن لم يسمع من الإمام علي عليه السلام فارجع للمظان السالفة ذكرها تعلم جيدا ذلك.
التوسل بالأنبياء والصالحين:
وبما مرّ بنا من ذكر أسانيد الخرقة للأمة الأعلام الذين هم محل نظر عند المخالف نذكر الآن أيضا الأدلة القومية المستقيمة في استحباب التوسل من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة والمخالف لذلك مبتدع لا متبع والرسائل المؤلفة في هذا الباب كثيرة نذكر المعاصرين من العلماء
منهم شيخنا العلامة الأصولي النظار سيدي أبو محي الدين كمال نصر الدين له عدة رسائل في هذا الباب منها إرشاد الأغبياء بجوار التوسل بالأنبياء والأولياء
وشيخنا العلامة المليح سيدي محمود صبيح في رسائل ومقالات عدة منها أخطاء ابن تيمية في حق النبي صلى الله وآله وآل بيته ورسالة بعنوان حتى لا تحرم من رؤية النبي صلى الله عليه وآله وشيخنا العلامة المحدث النظار محمود سعيد ممدوح رفع المنارة والشيخ العلامة سيدي حسن السقاف بهجة الناظر في التوسل بالنبي الطاهر والإغاثة بأدلة الإستغاثة والشيخ العلامة سيدي عبد الله الغماري في مصباح الزجاجة في تصحيح حديث الترمذي والرد على الألباني في محالة تجهيل أبو جعفر الخطمي وأنه غير المدني المعروف الذي هو عمير بن يزد بن عمير الأنصار الثقة بل كما قال المحدث العلامة الحافظ عبد الرحمن بن المهدي تداول الثقة عن أبيه عن جده وسيأتي ذلك والشيخ العلامة أحمد الغماري أيضا إعلام الراكع الساجد والشيخ العلامة عيسى بن مانع الحميري له رسالة قيمة جدا في هذا الباب حفظه الله ورعاه..وغيرهم الكثير يكفي منهم من ذكرنا وإلا فهم يتجاوزون المائة مؤلف في هذا الباب وحده!!؟،إنه وإن كان لي موضوع في هذا الباب في شرعية التوسل وجوازه إلا أنني سأراعي هنا الاختصار تناسبا مع القارئ لأن خير الكلام ما قل ودل..
اعلم أخي رحمني الله وإياك انه لا دليل يمنع التوسل سواء بالأنبياء اوالأولياء بل الأدلة العقلية والنقلية كلها تثبت جواز وقوعه واستحبابه وسنذكر الأدلة العقلية أولا كتمهيد لما نريد ثم نذكر الأدلة النقلية الدالة على ذلك ثم أقوال العلماء باختلاف مذاهبهم...
الأدلة العقلية:
إن المخالف تمسك بأن الميت لا يملك شيئا لنفسه ولا لغيره وأنه لا ينفع ولا يضر فهو صنم موضوع مدفون أما الحي فإنه يملك دفع الضر على قدر استطاعته ويملك الدعاء لك للرب سبحانه..الخ من كلامهم؟
فإن المتأمل لهذه العبارات يجد فيها مغالطات كثيرة ومنشأ ذلك عدم التفريق بين الممكن والواجب والمستحيل لانه من فقد التمييز بين الواجب والممكن فقد عقله فهذا التفريق ضروري لا بد أن يكون أي مسلم على علم به وذلك كالتالي:
الواجب هو ما لا يتصور في العقل عدمه فوجود الله سبحانه وتعالى واجب لذاته أي وجوب وجوده واجب لذاته لأنه محال أن لا يكون موجودا أو مفتقرا لغيره فسبحانه وتعالى غني العالمين في ذاته وصفاته وأفعاله.
أما الممكن هو ما يصح وجوده وعدمه وهو ما سوى الله سبحانه وتعالى فوجود الممكن وعدمه يفتقر لمرجح وهو الله سبحانه وتعالى، إذا كل ما سوى الله مفتقر له في كل لمحة ونفس فما من موجود وجود أو يوجد فهو مفتقر له سبحانه (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) فمن هذا نعلم سلامة معتقد المسلمين لأنهم يعتقدون بوجوب وجوده وافتقار ما عداه إليه سبحانه وينفون تأثير ما سواه سبحانه في أي شيء من الممكنات التي يصح عليها الوجود والعدم، والموت والحياة سبب من الأسباب التي يصح فيها الوجود والعدم، فهي في الحقيقة ليست مؤثرة سواء كان النبي أو الولي متصف بالحياة أو الممات ومن نسب للحياة التأثير دون الممات أو الممات دون الحياة فقد قال قولا عظيما، لأنه نسب التأثر لما سوى الله سبحانه وتعالى، ومن هنا نعلم خطأهم في هذا الباب فانه من التوحيد بل من لب التوحيد أن لا نعتقد تأثرا لما سوى الله سبحانه وأنتم نسبتموه للحي دون الميت وهو قول مخالف للعقول السليمة كما تبين لأن المحي والمميت هو الله سبحانه والمؤثر الحقيقي في الكائنات هو الله سبحانه وتعالى أما العلاقة المربوطة بين الأسباب فهي علاقة جعلية يصح فيها التخلف أي ليست وجوبية كما ذهب الطبائعيين وكذا ابن تيمية إذا قوله هذا مبني على أصل مذهبه وهو اعتقاد التأثير وأن العلاقة بين السبب والمسبب هي علاقة وجوبية لا يصح فيها التخلف أي أن الله سبحانه يكون هو الواسطة بين السبب لينتج المسبب ويكفي هذا خزيا نسأل الله العافية فتأمل هنا لترشد والحمد لله أن برأنا من هذا العار فلا مؤثر إلا الله سبحانه وما من مخلوق إلا وهو مفتقر لواجب الوجود جل وعز وهو سبحانه ممد كل ممكن بالوجود والتوسل بالأنبياء والأولياء يدخل في باب السبب الحسن لأن الأعمال الصالحة قائمة بذواتهم وتوسلنا بهم هو توسلنا بعملهم والعمل قائم بهم والمخالف يجيز التوسل بالعمل الصالح إن كان قائم بذات المتوسل ولا أدري أي دليل جعلهم يقولون بهذا سوى تعصب المقيت..والكلام في هذا الباب يطول ويكفي فيه ما ذكرنا.
الأدلة النقلية:
قال المفسر المشهور العلامة القرطبي في تفسيره
في قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة)) .
--الوسيلة : هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسُدِّي وابن زيد وعبد الله بن كثير وهى فعلية من توسلت إليه أي تقربت. قال عنترة :
إنَّ الرجال لهم إليك وسيلة إن يأخذوك تكحلي وتخضبي
والجمع الوسائل قال :
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التصافي بيننا والوسائلُ
ويقال : منه سلت أسأل أي طلبت وهما يتساولان أي يطلب كل
واحد من صاحبه، فالأصل الطلب والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب
بها.-- اهـ
والقربة سواء أكانت بالذوات أو بالأعمال لأن الأعمال قائمة بالذوات فلا فرق!! فالصفة قائمة بالموصوف فسواء أقلنا بعمل فلان أو بجاه فلان فالمقصود هو العمل فالله سبحانه وتعالى يقول –ليزدادوا إيمانا- وازدياد الإيمان يكون بالأعمال فتتشرف ذواتهم بأنوار الأعمال يقول الشيخ الشوكاني رحمه الله" إن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضله إذ لا يكون الفاضل فاضلا إلا بأعماله" .
فهذا دليل عام يدل على جواز التوسل لأنه من القرب الصالحة وهو كثير في القرآن
وقال تعالى سبحانه جلّ من قائل "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توبا رحيما" فهذه الآية تقطع التشكيك لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن باب الاستغفار يطلب فيه استغفار الله تعالى واستغفار الرسول لهم سواء أكان حيا أو ميتا لأنه لا فرق فالأنبياء أحياء في قبروهم وللحافظ العلامة البيهقي جزء خاص في هذا الباب أقصد حياة الأنبياء في القبور ولولا التطويل لذكرنا ما ذكرنا في هذا الباب وحده، المهم أنّ المفسرين في هذه الآية ذكروا قصة العتبي رحمه الله وهو تابعي ففهم المفسرون أن الآية تدل على جواز وقوعه سواء في الحياة أو الممات وهذا ابن كثير رحمه الله ذكر ذلك، فعلا المخالف أن يرجع للتفسير لينظر فيه وإن كان سياق الحديث به ضعيفا لكن المهم فهم علماء التفسير لسياق الآية والقصة أنّ العتبي كان جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول (ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) ولقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم انشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له" . فهل نقول أن ابن كثير ومن فهم هذا الفهم هو ضال لا يفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أقصد تقسيم التوحيد الذي أوحاه من أوحاه؟!! إلى الشيخ ابن تيمية فعلم ضرورة التفريق فسبحان مقسم العقول ولقد علمنا أنه أول من أحدث ذلك في التوسل وكذا في تقسيم التوحيد ؟؟!!.
أمّا من السنة:
قال النبي صلى الله عليه وآله((لينزلن عيسى بن مريم عليه السلام حكما عدلا وليسلكن فجا حاجا أو معتمرا وليأتين قبري حتى يسلم علي )) ؟؟ رواه الحاكم في المستدرك (2/595)وسلمه الذهبي فما تقول الوهابية يا ترى في الحاكم الذي روى الشرك وعلى الذهبي الذي سلمه!! لا؟ وعلى سيدنا ومولانا عيسى عليه السلام فنحن ننتظر رسالة ترد على الأنبياء فلقد قرأنا الرسائل في التطاول على الأولياء فها هو قد حان دور الأنبياء عليهم السلام؟؟!!لأنّه لا عصمة إلا لله كمال قال الشيخ الألباني-انظر رسالة شيخنا العلامة كمال الوهراني المسماة العقابيس-
وحديث الخروج إلى المسجد أيضا فيه استحسان التوسل بحق السائلين أخرجه أحمد والطبراني في الدعاء ضعفه الإمام النووي في الأذكار وتعقب عليه المحدث العلامة عبد الله صديق الغماري في مصباح الزجاجة وحسنه وكذا ابن حجر في الأمالي وأبو الحسن بن الفضل المقدسي المالكي وكذا الشيخ المحدث محمود سعيد ممدوح في رفع المنارة ومن فوائد الحديث ما قاله الشيخ المحدث عبد الله الغماري (( وهو يفيد التوسل على العموم كما قال ابن علان في شرح الأذكار" ))
وأيضا ((مما ورد حدثنا أبو النعمان ، ثنا سعيد بن زيد ، ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال:
قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كواً إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال : ففعلوا ، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق )) . رواه الدارمي في سننه في سنده سعيد بن زيد ثقة وثقه ابن معين وابن سعد وابن عدي والبخاري وهو من رجال مسلم فالحديث حسن كما سيأتي من قول المحدث العلامة عبد الله الغماري وما تشكيك الألباني رحمه الله في هذا الحديث إلا لغو لا يلتفت إليه بالمرة قال الشيخ السيد المحدث العلامة الفقيه عبد الله الغماري رحمه الله في كتابه: ( إرغام المبتدع الغبي ) ص23: (قال الدارمي في سننه... –الرواية السابقة- ثم قال: ضعف الألباني هذا الأثر بسعيد بن زيد ، وهو مردود لأن سعيداً من رجال مسلم ، ووثقه يحيى بن معين. ذكر الألباني تضعيفه في كتابه –(التوسل أنواعه وأحكامه ص128)- واحتج بحجج باطلة على عادته في تمويهاته ، حيث نقل كلام ابن حجر في التقربب الذي يوافق هواه ولم ينقل من هنالك أنه من رجال مسلم في صحيحه ، فلننتبه إلى هذا التدليس وهذه الخيانة التي تعود عليها هذا الرجل ، الذي يصف أعداءه بكتمان الحق وما يخالف آراءهم ، كما في مقدمته الجديدة لآداب زفافه والتي حلاها بما دل على اختلاطه من هجر وخناً ، ثم أردف ذلك بنقل ترجمة سعيد بن زيد من الميزان للذهبي ، زيادة في الكتم والتعمية ، وقد خان فلم يذكر ما ذكر الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب:4/29 من نقل أقوال موثقيه ، زيادةً على أنه من رجال مسلم في الصحيح.... وضعفه أيضاً باختلاط أبي النعمان، وهو تضعيف غير صحيح لأن اختلاط أبي النعمان لم يؤثر في روايته، قال الدارقطني: تغير بآخره وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر وهو ثقة . وقول ابن حبان وقع في حديثه المناكير الكثيرة بعد اختلاطه رده الذهبي فقال: لم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثاً منكراً) فتأمل في هذا التحقيق تفلح ويكفيك تناقض الشيخ الألباني في توثيق سعيد بن زيد؟؟.
ومما ورد أيضا ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير عن عثمان بن حنيف: " أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتُقضى لِي اللهم فشفعه في " ولقد علّم أيضا عثمان بن حُنيف هذا الدعاء احد في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فهل نقول إنه كفر لأنه علمه هذا الدعاء الذي هو استغاثة وتوسل بغير الله ؟؟
أما محاولة تضعيف السند بقول أن فيه رجلا مجهولا ليضعفوا الحديث وهو أبو جعفر الخطمي المدني ثقة معروف ترجم له كم من واحد وهو عمير بن يزيد بن عمير بن حبيب الأنصاري ولقد وعدناك أخي القارئ الكلام على هذا الرجل الثقة فقد قال ابن حجر صدوق وقال عنه الذهبي ثقة روى له أبو داود والترميذي والنسائي و ابن ماجه
قال المزي في تهذيب الكمال :
- د ت س ق - : عمير بن يزيد بن عمير بن حبيب بن خماشة ، و يقال : ابن حباشة الأنصارى ، أبو جعفر الخطمى المدنى ، نزيل البصرة ، و أمه بنت عقبة بن الفاكه ابن سعد الأنصارى ، لجديه : عمير بن حبيب ، و الفاكه بن سعد صحبة . اهـ .
و قال المزى :
قال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : ثقة .
و كذلك قال النّسائى .
و ذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .
و قال عبد الرحمن بن مهدى : كان أبو جعفر و أبوه و جده قوما يتوارثون الصدق بعضهم عن بعض .
روى له الأربعة . اهـ .
وقال الحافظ في تهذيب التهذيب -8/151 قال الطبراني في " الأوسط " : ثقة . اهـ .
وانظر ما قاله ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل رقم - 2099-
فانظر رحمك الله من حالوا التضعيف؟؟!! والحمد لله أن كشف الله ألاعبهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله فانظر وتمعن جيدا؟؟!!فمن هو المتبع ومن هو المبتدع؟؟.
فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف.
أقوال بعض العلماء في جواز واستحباب التوسل بالأنبياء والأولياء:
اعلم أخي أن النقول في هذا الفصل أكثر من أن تحصى ونكتفي هنا باليسير ونرجئ الباقي إلى حين؟؟!!.
الحافظ العلامة إبراهيم الحربى : توسل بقوله " قـبر معروف الكرخى هو الترياق المجرب" – تاريخ بغـداد 1 / 122.
والشيخ ابراهيم الحربي كان يشبه بالإمام أحمد في التقوى والورع والعلم والزهد وكان الإمام أحمد يرسل ابنه عبد الله ليتعلم عند الشيخ الحافظ ابراهيم وكأن الإمام أحمد يرسل ابنه ليشرك بالله ما لم ينزل به سلطنا؟؟!!
الحافظ ابن الجوزى زاد المسير 4 / 253 توسل بقوله " بحق محمد صلى الله عليه وسلم "
الحافظ ابن حبان : كان إذا أهمه أمر قصد قبر الإمام على الرضا فينكشف همه،" وقد جربته مرارا وقد تم الإشارة إليه من قبل " الثقات 8 / 457 وسيأتي نقل النص كاملا.
الحافظ ابن كثــير : توســل بقولــه " بمحمــد وآلــه " - البدايـة والنهايـة 13/192
الحافظ البيهقى : روى عنه ابن الجوزى فى المنتظم ( 11 / 211 ) من مناقب أحمد بن حرب " استجابة الدعاء إذا توسل الداعى بقبره " .
الحافظ العلامة العلجونى : توسل بقوله " وبخير خلقك لم أزل متوسلاً " كشــف الخفاء 2 / 55
الحافظ الهيثمى : توسل بقوله " بمحمد وآله " . مجمع الزوائد9 / 420
الحافظ الذهبى : ذكر أحد الصالحين وقال : " وكـان ورعـاً تقـياً محتشماً يتبرك بقبره " سير أعلام النبلاء 18 / 101
العلامة الحافظ ابن عقيل الحنبلي: وكان يقول في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم " يا محمد إني أتوجه بك إلى ربى " - (التذكرة 87 ).
الحافظ الواقدي رحمه الله توســل بقوله " فـأدع الله وأتوســــل إليـه بمحمــد " – فتوح الشام 2 / 91
وقال العلامة القاضي عياض من المالكية في الشفا 2 / 74:
"فصل في حكم زيار المصطفى صلى الله عليه وسلم وفضيلة من زاره وسلَّم عليه، وكيف يسلم ويدعو وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنَّة من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلةً مرغب فيها." اهـ
قال الحافظ النووي من الشافعية في المجموع (8/204) (( واعلم أن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم القربات، وأنجح المساعي، فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحباباً متأكداً أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته صلى الله عليه وسلم، وينوي الزائر من الزيارة التقرب وشد الرحل إليه والصلاة فيه)). اهـ
وقال الشيخ ابن مفلح الحنبلي في الفروع (1/595) (( ويجوز التوسل بصالح-أي ولي- وقيل : يستحب قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي : إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ، وجزم به في المستوعب وغيره )) اهـ
المحدث العلامة أبو على الخلال : قـال " فقصدت قـبر موسى بن جعفر فتوسلت به "
تاريخ بغـداد 1/120 وهو غير مطعون عند السلفية فهل يسلمون له قوله أم يقولون بكفره!!؟.
وقال الشيخ أبو الحسن المرداوي في الإنصاف 4/53 :
" قوله إذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبر صاحبيه".هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة ً متقدمهم ومتأخرهم )) . اهـ
وقال محقق مذهب الحنابلة أبو محمد بن قدامة المقدسي السابق ذكره أقصد في سند ابن تيمية:
(( ويستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي )). وفي رواية (من زار قبري وجبت له شفاعتي)) رواه باللفظ الأول سعيد سنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر، وقال أحمد في رواية عبد الله عن يزيد بن قُسَيْط عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم علىَّ عند قبري إلا رد الله علىَّ روحي حتى أرد عليه السلام). وإذا حج الذي لم يحج قط يعني من غير طريق الشام لا يأخذ على طريق المدينة لأني أخاف أن يحدث به حدث فينبغي أن يقصد مكة من أقصر الطرق ولا يتشاغل بغيره ، ويروى عن العتبي قال : كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً }، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول :
يا خير من دُفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهنَّ القاع والأكم
نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي فحملتني عيني فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا عتبى ألحَقْ الأعرابيَّ فبشره أنَّ الله غفر له. اهـ فتأمل؟؟
فلم يبق مجالا للشك في هذه المسألة وخاصة وان المدرسة الحنبلية يستحبون التوسل قال (( سألته –يعني احمد- عن رجل يمس منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبرك بسمه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل فقال لا بأس بذلك )) (2/35) العلل!!فانظر؟
قال الشيخ المرعي في غاية المنتهى ص259 (( ولا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجى بركته))
وقال المرداوي (( يجوز لمس القبر من غير كراهة )) الإنصاف 2/562 فماذا يقولون يا ترى!!
ومما يدل على أن الصحابة فعلوا ذلك أي لمس الأماكن المباركة ما رواه ابن أبي شيبة مصنفه من طريق يزيد بن عبد الملك بن قسيط قال رأيت نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلا لهم المسجد قاموا إلى رمانة المنبر القرعاء فمسوها ودعوا قال ورأيت يزيد يفعل ذلك )) 3/450
وابن حجر النقل عنه كثير في هذا الباب ولكن نكتفي بنقلين مهمين في فتح الباري في شرح صحيح البخاري في كتاب الجنائز باب الكفن في القميص..
الشرح: قوله: (باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف) قال ابن التين: ضبط بعضهم يكف بضم أوله وفتح الكاف وبعضهم بالعكس، والفاء مشدودة فيهما.
وضبطه بعضهم بفتح أوله وسكون الكاف وتخفيف الفاء وكسرها، والأول أشبه بالمعنى.
وتعقبه ابن رشيد بأن الثاني هو الصواب قال: وكذا وقع في نسخة حاتم الطرابلسي، وكذا رأيته في أصل أبي القاسم بن الورد، قال: والذي يظهر لي أن البخاري لحظ قوله تعالى (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه سواء كان يكف عنه العذاب أو لا يكف استصلاحا للقلوب المؤلفة،فكأنه يقول يؤخذ من هذا التبرك بآثار الصالحين سواء علمنا أنه مؤثر في حال الميت أو لا.أهـ
وقال أيضا نفس المصدر:
المجلد العاشر - كتاب اللباس - باب هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ
((الحديث: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ كَتَبَ لَهُ وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاللَّهِ سَطْرٌ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَزَادَنِي أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ قَالَ فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ قَالَ فَاخْتَلَفْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ فَنَزَحَ الْبِئْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ
قال ابن بطال: وفيه أن من طلب شيئا ولم ينجح فيه بعد ثلاثة أيام أن له أن يتركه، ولا يكون بعد الثلاث مضيعا، وأن الثلاث حد يقع بها العذر في تعذر المطلوبات.
وفيه استعمال الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك والتيمن بها.))أهـ
ولتعلم أخي القارئ أن بئر أريس المبارك لا وجود له اليوم بل طمس مخافة أن يعبد من دون الله!!؟.فأي عقول هذه!!ومن الذي أوحى لهم ذلك!!؟.
وليعلم أخي السلفي!!أن ذكر التوسل واستحبابه غير مقصور على الكتب الفقهية فلربما ساعدتكم الأمور؟لنزع ذلك من الكتب الفقهية كما تقولون تقية وتصفية من الشرك ولكن في كتب الرجال لا أظن أنكم تفعلون ذلك لأن الميزان سيقلب فلربما توثقون مشركا على حسب قواعدكم لذا أردت أن أراعي خاطركم هنا!أيضا فسأذكر مثالا أو مثالين والباقي أرجئه إلى حين ولكل أجل كتاب نبدأ بالحافظ ابن حبان وكتابه الثقات!! قال هنالك ما نصه "8/457" عند قوله في علي موسى رضي الله عنه (وقبره بسنا باذ خارج نوقان يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله بإزالتها عني فاستجاب الله لي وزالت عني تلك الشدة وهذا شيء رجبته مرار فوجدته كذلك ....) الخ الشرك الذي فطن له الوهابية!!؟.
وانظروا المزيد من الشركيات في السير للذهبي "16/24" وتاريخ بغداد "1/120"وصفوة الصفوة لابن الجوزي"2/250" لتجدوا العجب!!.
وقال الحافظ العلامة أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر في تهذيب التهذيب "5/310" في ترجمة عبد الله بن غالب الحداني ....قتل يوم التروية فكان الناس يأذخون من تراب قبره كأنه مسك؟؟" نعوذ بالله من الشرك.
فكل الذي ذكر غير مقبول عند السلفية!!؟بل هو من الشرك ومن وسائله وكل وسيلة توصل لشرك لابد من هدمها فها هي كتب الأعلام الوسائل المقررة للشرك فحرّقوها لكي تقطعوا الدين بأيديكم!!؟ أليس هذا عجيبا أخي القارئ فالأمة من القرون الأولى إلى الآن يرون استحبابه وجوازه فيأتي من يأتي ليرى غير ما يرى فطاحل الأمة ويبتدع رأيا والعجب ليس هو ابتداعه رأيا فقد قتل الإمام الحسين رضوان الله عليه وأعاد علينا بركته من قبل!بدعوى أنه قتل بسيف جده صلى الله عليه وآله بل العجب هو تمسك البعض بهذه الأقوال ونصرتها والدفاع عنها واتهام من يقرر ذلك بالكفر والتشيع والشرك فمن هو المشرك الآن هل من يتبع يكون مشركا!! فسبحان الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
هدى الله الجميع
القول المختصر البديع
في استحباب التوسل بالنبي الشفيع
صلى الله عليه وآله.
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،سيدنا ومولانا محمد أشرف الوجهاء وأعظم الأسباب للمنح والعطايا،نبي له في حضرة القدس منزل ،و حجابه الأملاك وهو مبجل،اللهم صلّ عليه وعلى آل بيته الطاهرين الأطهار، فاطمة وبعلها وبينها، ونسألك بالسر المستودع فيها، وعلى أزواجه الطاهرين، أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه أجمعين، أصحاب بدر وأحد، ومن تبع هداهم إلى يوم الدين،..وبعدُ:
فإنّه لما كثر الكلام، وزاد الملام، من أعداء سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام، بقولهم أن التوسل به شرك ردي، وقول غوي، رغم أنّ هذه المسألة -أقصد التوسل بالأنبياء والأولياء- لم تكن محل نقاشا في الزمن القديم، بل أثراها من خالف المنهج القويم، مبتدعا رأيا سقيم،وهو الشيخ ابن تيمية الحرّاني، من أجمع العلماء على خطأه،وبيان فحش مذهبه، في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل التي خالف فيها الإجماع بعد انعقاده،فسج بمرسوم العلماء الحنفية والمالكية والشافعية و الحنابلة،وبينوا انه لا مذهب لقوله، ولاستناد لحكمه، لأنه مردود بمخالفة كبار العلماء قال الشيخ الحافظ العلامة السبكي (( لم يسبق ابن تيمية في إنكاره التوسل أحد من السلف ولا من الخلف بل قال قولا لم يقله عالم قبله )) في شفاء السقام ،فانظر بعين الإنصاف، لا بعين الإجحاف،تعلم أنّه سجن بحق،وهو الحري لمن يقول قولا،ويبتدع رأيا،يخالف به من قبله ويدّعي أنه الإجماع المنقول فينمّي لهم الأقوال وهم منها برءاء قال الحافظ أمير المؤمنين ابن حجر في الفتح "3/66" ((والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شدّ الرحال إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكرنا-أي الحافظ ابن حجر- صورة ذلك وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية؟--تأمل--)) ذكر الشيخ ابن شاكر في عيون التواريخ ص179((الصورة المنقول بخط القضاة الأربعة بالقاهرة المحروسة على ظهر الفتيا, الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال من قوله إن زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة وما ذكره من حول ذلك وإنه لا يرخص في السفر لزيارة الأنبياء فهو باطل مردود عليه, وقد نقل جماعة من العلماء الكبار أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة وسنة مجمع عليها ,وهذا المفتي المذكور –ابن تيمية – ينبغي أن يزجر عن مثل هذه المقالة والفتاوي الغريبة, ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ,ويشهر أمره ليتحفظ الناس الإقتداء به ,كتب محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة وكذلك يقول محمد بن الحريري الأنصاري الحنفي لكن يحبس الآن جزما مطلقا كتب المذكور كذا ذلك يقول أحمد بن عمر القدسي الحنبلي كذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي إن ثبت عليه ذلك يبالغ في زجره حسبما تندفع هذه المفسدة وغيرها من المفاسد))
وقال أيضا العلامة المحقق المحدث عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي في " إبراز الغي الواقع في شفاء العيّ " : ((و أما نفس زيارة القبر النبوي فلم يذهب أحد من الأئمة وعلماء الملة إلى عصر بن تيمية إلى عدم شرعيته بل اتفقوا على أنها من أفضل العبادات وأرفع الطاعات ، واختلفوا في ندبها ووجوبها ، فقال كثير منهم بأنها مندوبة، وقال بعض المالكية والظاهرية : إنها واجبة وقال أكثر الحنفية أنها قريبة من الواجب ، وقريب الواجب عندهم في حكم الواجب ، وأول من خرق الإجماع فيه وأتى بشئ لم يسبق إليه عالم قبله هو ابن تيمية )) . اهـ . تأمّل!!؟.
وفي موضوعنا بيان وتأصيل لذلك، أي أنه ابتدع رأيا لم يكن يعرف إلا في زمنه، وكذا بيان شرعية التوسل، وأنه الذي عليه العمل، وذكر من توسل من العلماء المشهورين، وذكرت المشهور دون المستور إرضاء لهم، ومراعاة لخواطرهم الحساسة في هذه المسألة التي كما يقولون-أي الوهابية!- تدخل في باب الشرك والكفر، لذا نتنزل قليلا لكي يكون لنا معهم حظ التفهيم والإرشاد، وعلى الله الاستناد، وقبل الدخول في موضوع التوسل أردت أن أضع مقدمة كتمهيد في بيان أن ابن تيمية طرقي قادري لكي يرى المخالف فيه ما نراه فيه في مسائل أخرى!!ولتكون هذه وسمة عار أيضا وبيان لتناقضهم!! وإن كانت لا تغنيه شيئا لأنه كما أثبتها هنا رفضها في موضع آخر!!؟ فأقول وعلى الله أتكل:
بيان لبس ابن تيمية الخرقة الصوفية البدعية؟؟:
قد يبدوا هذا القول غريبا بعض الشيء وخاصة بمن تعلق بأقوال الشيخ ابن تيمية المناقضة بقول لبس الخرقة الصوفية المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ولسنا هنا في معرض إثبات اتصال السند،فإنه واضح وضوح الشمس في كبد السماء، ويكفي الرجوع إلى المظان الخاصة بإثبات ذلك، وانظر هنالك، مثلا بحوث العلامة الحافظ السيوطي رحمه الله، وكذا الشيخ سيدي الحافظ العلامة الغماري، في بيان انتساب الصوفية للإمام علي عليه السلام وبيان إثبات سماع الإمام حسن من الإمام علي عليه السلام.
انتسب الشيخ ابن تيمية للطريقة القادرية لمؤسسها العلامة القطب سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه ومما يشهد بذلك دفاع ابن تيمية الكثير على القطب سيدي عبد القادر الجيلاني وتأويل عباراته كما هو موجود في مجموع فتاويه في مسألة القدر وتأثير الأرواح وقوله بشطحات الصوفية وكذا ذكرها الشيخ ابن القيم وذكر بعض طلاسم ابن تيمية الذي عجز الشيخ ابن القيم ورغم منزلته العظيمة عند الحنابلة أن يحل طلاسمه بل فوضها وسلم له قوله كما في المدارج!!؟ وكذا تسليم قول شيخ الإسلام الهروي الصوفي بقوله بوحدة الوجود والإتحاد كما يسميها المخالف؟!!وبعد هذا تجده ينكر على الكثير من العلماء القائلين بما قال به شيخه!!وهذا المبحث يطول ونحن في معرض الإثبات لا الرد..لقد حكى الشيخ ابن عبد الهادي(ت 909) أن ابن القيم وابن تيمية لبسا الخرقة وأنه بين ابن تيمية وبين الشيخ القطب الجيلاني ثلاث شيوخ هم محل إجلال عند ابن تيمية ابن قدامة وابن قدامة وابن قدامة وهم شيوخ المدرسة الحنبلية وأثنى عليهم في كثير من فتاويه وقد قام دارس والباحث في المدرسة الحنبلية المستشرق جورج المقدسي ذو الأصل اللبناني في مقالات منشورة عام 1970 بعنوان "ابن تيمية صوفي من الطريقة القادرية"
".... وفي كتاب ليوسف بن عبد الهادي الحنبلي سماه بدء العلقة بلبس الخرقة
وذكر فيها –أي ابن عبد الهادي- ابن تيمية في سلسة الطريقة مع غيره من شيوخ الحنابلة.
وسلسلة الخرقة تنازليا هي:
*عبد القادر الجيلاني 561 هـ
*أبو عمر ابن قدامة 607 هـ
*موفق الدين ابن قدامة620 هـ
*ابن أبي عمر ابن قدامة 682 هـ
*ابن تيمية 728 هـ
*ابن القيم 751هـ
ثم ذكر كلاما مهما جدا وهو نقل عن ابن تيمية نفسه (....وقال ابن تيمية في المسائل التبريزية …. مخطوطة دمشق الظاهرية : " لبست الخرقة المباركة للشيخ عبد القادر وبيني وبينه اثنان " . )
مع العلم أنه ذكر أن أبو عمرو وموفق الدين لبسا الخرقة هما الاثنان من عند سيدي عبد القادر الجيلاني على ما ذكره الحافظ العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله.
والشيخ ابن عبد الهادي هذا هو غير تلميذ ابن تيمية المعروف صاحب صارم المنكي(والصواب المنكيء إرشاد من العنوان) وهو صاحب عقيدة حشوية كابن عبد الهادي الأول لكي لا نقول بان الرجل ينسب لابن تيمية خلاف الواقع لأن العقيدة واحدة والمنهج واحد فتفهم ومما يزيد بيانا ووضوحا قوله أي الشيخ يوسف ابن عبد الهادي في نفس مبحثه ناقلا عن ابن ناصر الدين
(( وأحد طرقها التي بها نقلت إلينا ولله الحمد وصلت الطريقة التي أشار إليها بقية العلام وأحد مشايخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله قال:وقد كنت لبست خرقة التصوف من طرف جماعة من الشيوخ من جملتهم الشيخ عبد القادر الجيلي وهي أجل الطرق المشهورة, وقال مرة: فأجل الطرق طريق سيدي عبد القادر الجيلي رحمة الله عليه.اهـ
فانظر رحمك الله تعالى إلى قوله!!؟؟ -وهي أجل الطرق المشهورة وقارن بينه وبين ما يقوله أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أتباع هذه الطريقة المباركة!!ونذكر هنا الخلاصة التي ذكرها سيدي العلامة محمد حافظ تيجاني في مجلة طريق الحق ص17 سنة 1396 الصادرة في شهر رجب سند ابن تيمية في الفقه الحنبلي والطريقة القادرية
(( ..... لذلك أحببنا نشر هذا السند ليتضح ذلك لمن أراد الإنصاف , قال الإمام محمد بن محمد بن سليمان الرودانى في ص 130 ظهر سلسلة الفقه الحنبلي أخذته مع الطريقة القادرية إذنا عن قدوة الحنابلة في زمانه علما وعملا أبى عبد الله محمد بدر الدين البلبانى الصالحى وكتب لي سلسلته فقال أروى الفقه والطريقة القادرية وغيرهما مما يجوز لي وعنى روايته عن شيخ الإسلام الشهاب بن على الوفائى المفلحى ,عن شرف الدين موسى بن سالم الحجاوى وعن القاضي برهان الدين بن مفلح , وهما عن والده نجم الدين بن مفلح , عن والده القاضي برهان الدين صاحب الفروع ,عن جده شرف الدين , عن عبد الله بن مفلح والشيخ تقي الدين بن تيميه والأول عن جده قاضى القضاة جمال الدين المردوى عن التقى سليمان بن حمزة , والثاني عن شمس الدين بن أبى عمر عن عمه موفق الدين بن قدامة , وهو والتقى بن حمزة عن قطب المذهبين مولانا الشيخ عبد القادر الكيلانى , عن الإمام محفوظ أبى الخطاب عن القاضي أبى يعلى ,عن مولانا الحسن بن حامد , مولانا أبى بكر عبد العزيز , محمد بن محمد الخلال , عن أبى بكر المرزوى , عن الإمام المبجل أبى عبد الله احمد بن محمد بن حنبل عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , أي إن ابن تيمية اخذ الطريقة القادرية والعلوم والفقه عن موفق الدين بن قدامة عن مولانا الشيخ عبد القادر الكيلانى رضي الله عنه " أهـ باختصار فانظر!!.
والذي لا سبيل لردّه لانه واضح في كتابه هو سند الحافظ الذهبي!! السلفي كما يقول المخالف فقد جاء في سير أعلام النبلاء الجزء 22 / 377 :
((..ألبسني خرقة التصوف شيخنا المحدث الزاهد ضياء الدين عيسى بن يحيى الانصاري بالقاهرة ، وقال : ألبسنيها الشيخ شهاب الدين – أي السهروردي الصوفي المعروف - بمكة ، عن عمه أبي النجيب)) فالتنظر الوهابية في أمر هؤلاء المبتدعة على ميزانهم الشرعي!!... ونختم الآن بعالم آخر لطالما رأيت استدلالهم به فأقول هو العالم العلامة الشيخ الحافظ المحدث ابن الصلاح رحمه الله وعنا به قال الحافظ العلامة المجتهد السيوطي الشاذلي رضي الله عنه
في تأييد الحقيقة العلية ص 13 :
((..قال ابن الصلاح و لي في لبس الخرقة اسناد عالي جدا ألبسني الخرقة أبو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي قال أخذت الخرقة من أبي اللأسعد هبة الرحمن ابن أبي سعيد عبد الرحمن بن أبي القاسم القشيري قال أخذت الخرقة من جدي ابي القاسم و هو أخذها من أبي علي الدقاق و هو أخذها من أبي القاسم ابراهيم بن محمد بن حمويه النصراباذي و هو أخذها من ابي بكر دلف بن جحدر الشبلي و هو أخذها من الجنيد و هو أخذها من السري السقطي و هو أخذها من معروف الكرخي و هو أخذها من داود الطائي و هو أخذها من حبيب العجمي و هو اخذها من الحسن البصري و هو أخذها من على بن أبي طالب و هو اخذها من النبي صلى الله عليه و سلم .
قال ابن الصلاح وليس بقادح فيما أوردناه كون لبس الخرقة غير متصل إلى منتهاه على شرط أصحاب الحديث في الأسانيد فإن المراد ما تحصل به البركة والفائدة باتصالها بجماعة من السادة الصالحين،))
وإن كان قول الشيخ الحافظ ابن الصلاح بقوله أن السند غير متصل غير مسلم وهو بناء على أن الإمام حسن لم يسمع من الإمام علي عليه السلام فارجع للمظان السالفة ذكرها تعلم جيدا ذلك.
التوسل بالأنبياء والصالحين:
وبما مرّ بنا من ذكر أسانيد الخرقة للأمة الأعلام الذين هم محل نظر عند المخالف نذكر الآن أيضا الأدلة القومية المستقيمة في استحباب التوسل من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة والمخالف لذلك مبتدع لا متبع والرسائل المؤلفة في هذا الباب كثيرة نذكر المعاصرين من العلماء
منهم شيخنا العلامة الأصولي النظار سيدي أبو محي الدين كمال نصر الدين له عدة رسائل في هذا الباب منها إرشاد الأغبياء بجوار التوسل بالأنبياء والأولياء
وشيخنا العلامة المليح سيدي محمود صبيح في رسائل ومقالات عدة منها أخطاء ابن تيمية في حق النبي صلى الله وآله وآل بيته ورسالة بعنوان حتى لا تحرم من رؤية النبي صلى الله عليه وآله وشيخنا العلامة المحدث النظار محمود سعيد ممدوح رفع المنارة والشيخ العلامة سيدي حسن السقاف بهجة الناظر في التوسل بالنبي الطاهر والإغاثة بأدلة الإستغاثة والشيخ العلامة سيدي عبد الله الغماري في مصباح الزجاجة في تصحيح حديث الترمذي والرد على الألباني في محالة تجهيل أبو جعفر الخطمي وأنه غير المدني المعروف الذي هو عمير بن يزد بن عمير الأنصار الثقة بل كما قال المحدث العلامة الحافظ عبد الرحمن بن المهدي تداول الثقة عن أبيه عن جده وسيأتي ذلك والشيخ العلامة أحمد الغماري أيضا إعلام الراكع الساجد والشيخ العلامة عيسى بن مانع الحميري له رسالة قيمة جدا في هذا الباب حفظه الله ورعاه..وغيرهم الكثير يكفي منهم من ذكرنا وإلا فهم يتجاوزون المائة مؤلف في هذا الباب وحده!!؟،إنه وإن كان لي موضوع في هذا الباب في شرعية التوسل وجوازه إلا أنني سأراعي هنا الاختصار تناسبا مع القارئ لأن خير الكلام ما قل ودل..
اعلم أخي رحمني الله وإياك انه لا دليل يمنع التوسل سواء بالأنبياء اوالأولياء بل الأدلة العقلية والنقلية كلها تثبت جواز وقوعه واستحبابه وسنذكر الأدلة العقلية أولا كتمهيد لما نريد ثم نذكر الأدلة النقلية الدالة على ذلك ثم أقوال العلماء باختلاف مذاهبهم...
الأدلة العقلية:
إن المخالف تمسك بأن الميت لا يملك شيئا لنفسه ولا لغيره وأنه لا ينفع ولا يضر فهو صنم موضوع مدفون أما الحي فإنه يملك دفع الضر على قدر استطاعته ويملك الدعاء لك للرب سبحانه..الخ من كلامهم؟
فإن المتأمل لهذه العبارات يجد فيها مغالطات كثيرة ومنشأ ذلك عدم التفريق بين الممكن والواجب والمستحيل لانه من فقد التمييز بين الواجب والممكن فقد عقله فهذا التفريق ضروري لا بد أن يكون أي مسلم على علم به وذلك كالتالي:
الواجب هو ما لا يتصور في العقل عدمه فوجود الله سبحانه وتعالى واجب لذاته أي وجوب وجوده واجب لذاته لأنه محال أن لا يكون موجودا أو مفتقرا لغيره فسبحانه وتعالى غني العالمين في ذاته وصفاته وأفعاله.
أما الممكن هو ما يصح وجوده وعدمه وهو ما سوى الله سبحانه وتعالى فوجود الممكن وعدمه يفتقر لمرجح وهو الله سبحانه وتعالى، إذا كل ما سوى الله مفتقر له في كل لمحة ونفس فما من موجود وجود أو يوجد فهو مفتقر له سبحانه (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) فمن هذا نعلم سلامة معتقد المسلمين لأنهم يعتقدون بوجوب وجوده وافتقار ما عداه إليه سبحانه وينفون تأثير ما سواه سبحانه في أي شيء من الممكنات التي يصح عليها الوجود والعدم، والموت والحياة سبب من الأسباب التي يصح فيها الوجود والعدم، فهي في الحقيقة ليست مؤثرة سواء كان النبي أو الولي متصف بالحياة أو الممات ومن نسب للحياة التأثير دون الممات أو الممات دون الحياة فقد قال قولا عظيما، لأنه نسب التأثر لما سوى الله سبحانه وتعالى، ومن هنا نعلم خطأهم في هذا الباب فانه من التوحيد بل من لب التوحيد أن لا نعتقد تأثرا لما سوى الله سبحانه وأنتم نسبتموه للحي دون الميت وهو قول مخالف للعقول السليمة كما تبين لأن المحي والمميت هو الله سبحانه والمؤثر الحقيقي في الكائنات هو الله سبحانه وتعالى أما العلاقة المربوطة بين الأسباب فهي علاقة جعلية يصح فيها التخلف أي ليست وجوبية كما ذهب الطبائعيين وكذا ابن تيمية إذا قوله هذا مبني على أصل مذهبه وهو اعتقاد التأثير وأن العلاقة بين السبب والمسبب هي علاقة وجوبية لا يصح فيها التخلف أي أن الله سبحانه يكون هو الواسطة بين السبب لينتج المسبب ويكفي هذا خزيا نسأل الله العافية فتأمل هنا لترشد والحمد لله أن برأنا من هذا العار فلا مؤثر إلا الله سبحانه وما من مخلوق إلا وهو مفتقر لواجب الوجود جل وعز وهو سبحانه ممد كل ممكن بالوجود والتوسل بالأنبياء والأولياء يدخل في باب السبب الحسن لأن الأعمال الصالحة قائمة بذواتهم وتوسلنا بهم هو توسلنا بعملهم والعمل قائم بهم والمخالف يجيز التوسل بالعمل الصالح إن كان قائم بذات المتوسل ولا أدري أي دليل جعلهم يقولون بهذا سوى تعصب المقيت..والكلام في هذا الباب يطول ويكفي فيه ما ذكرنا.
الأدلة النقلية:
قال المفسر المشهور العلامة القرطبي في تفسيره
في قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة)) .
--الوسيلة : هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسُدِّي وابن زيد وعبد الله بن كثير وهى فعلية من توسلت إليه أي تقربت. قال عنترة :
إنَّ الرجال لهم إليك وسيلة إن يأخذوك تكحلي وتخضبي
والجمع الوسائل قال :
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التصافي بيننا والوسائلُ
ويقال : منه سلت أسأل أي طلبت وهما يتساولان أي يطلب كل
واحد من صاحبه، فالأصل الطلب والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب
بها.-- اهـ
والقربة سواء أكانت بالذوات أو بالأعمال لأن الأعمال قائمة بالذوات فلا فرق!! فالصفة قائمة بالموصوف فسواء أقلنا بعمل فلان أو بجاه فلان فالمقصود هو العمل فالله سبحانه وتعالى يقول –ليزدادوا إيمانا- وازدياد الإيمان يكون بالأعمال فتتشرف ذواتهم بأنوار الأعمال يقول الشيخ الشوكاني رحمه الله" إن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضله إذ لا يكون الفاضل فاضلا إلا بأعماله" .
فهذا دليل عام يدل على جواز التوسل لأنه من القرب الصالحة وهو كثير في القرآن
وقال تعالى سبحانه جلّ من قائل "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توبا رحيما" فهذه الآية تقطع التشكيك لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن باب الاستغفار يطلب فيه استغفار الله تعالى واستغفار الرسول لهم سواء أكان حيا أو ميتا لأنه لا فرق فالأنبياء أحياء في قبروهم وللحافظ العلامة البيهقي جزء خاص في هذا الباب أقصد حياة الأنبياء في القبور ولولا التطويل لذكرنا ما ذكرنا في هذا الباب وحده، المهم أنّ المفسرين في هذه الآية ذكروا قصة العتبي رحمه الله وهو تابعي ففهم المفسرون أن الآية تدل على جواز وقوعه سواء في الحياة أو الممات وهذا ابن كثير رحمه الله ذكر ذلك، فعلا المخالف أن يرجع للتفسير لينظر فيه وإن كان سياق الحديث به ضعيفا لكن المهم فهم علماء التفسير لسياق الآية والقصة أنّ العتبي كان جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول (ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) ولقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم انشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له" . فهل نقول أن ابن كثير ومن فهم هذا الفهم هو ضال لا يفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أقصد تقسيم التوحيد الذي أوحاه من أوحاه؟!! إلى الشيخ ابن تيمية فعلم ضرورة التفريق فسبحان مقسم العقول ولقد علمنا أنه أول من أحدث ذلك في التوسل وكذا في تقسيم التوحيد ؟؟!!.
أمّا من السنة:
قال النبي صلى الله عليه وآله((لينزلن عيسى بن مريم عليه السلام حكما عدلا وليسلكن فجا حاجا أو معتمرا وليأتين قبري حتى يسلم علي )) ؟؟ رواه الحاكم في المستدرك (2/595)وسلمه الذهبي فما تقول الوهابية يا ترى في الحاكم الذي روى الشرك وعلى الذهبي الذي سلمه!! لا؟ وعلى سيدنا ومولانا عيسى عليه السلام فنحن ننتظر رسالة ترد على الأنبياء فلقد قرأنا الرسائل في التطاول على الأولياء فها هو قد حان دور الأنبياء عليهم السلام؟؟!!لأنّه لا عصمة إلا لله كمال قال الشيخ الألباني-انظر رسالة شيخنا العلامة كمال الوهراني المسماة العقابيس-
وحديث الخروج إلى المسجد أيضا فيه استحسان التوسل بحق السائلين أخرجه أحمد والطبراني في الدعاء ضعفه الإمام النووي في الأذكار وتعقب عليه المحدث العلامة عبد الله صديق الغماري في مصباح الزجاجة وحسنه وكذا ابن حجر في الأمالي وأبو الحسن بن الفضل المقدسي المالكي وكذا الشيخ المحدث محمود سعيد ممدوح في رفع المنارة ومن فوائد الحديث ما قاله الشيخ المحدث عبد الله الغماري (( وهو يفيد التوسل على العموم كما قال ابن علان في شرح الأذكار" ))
وأيضا ((مما ورد حدثنا أبو النعمان ، ثنا سعيد بن زيد ، ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال:
قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كواً إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال : ففعلوا ، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق )) . رواه الدارمي في سننه في سنده سعيد بن زيد ثقة وثقه ابن معين وابن سعد وابن عدي والبخاري وهو من رجال مسلم فالحديث حسن كما سيأتي من قول المحدث العلامة عبد الله الغماري وما تشكيك الألباني رحمه الله في هذا الحديث إلا لغو لا يلتفت إليه بالمرة قال الشيخ السيد المحدث العلامة الفقيه عبد الله الغماري رحمه الله في كتابه: ( إرغام المبتدع الغبي ) ص23: (قال الدارمي في سننه... –الرواية السابقة- ثم قال: ضعف الألباني هذا الأثر بسعيد بن زيد ، وهو مردود لأن سعيداً من رجال مسلم ، ووثقه يحيى بن معين. ذكر الألباني تضعيفه في كتابه –(التوسل أنواعه وأحكامه ص128)- واحتج بحجج باطلة على عادته في تمويهاته ، حيث نقل كلام ابن حجر في التقربب الذي يوافق هواه ولم ينقل من هنالك أنه من رجال مسلم في صحيحه ، فلننتبه إلى هذا التدليس وهذه الخيانة التي تعود عليها هذا الرجل ، الذي يصف أعداءه بكتمان الحق وما يخالف آراءهم ، كما في مقدمته الجديدة لآداب زفافه والتي حلاها بما دل على اختلاطه من هجر وخناً ، ثم أردف ذلك بنقل ترجمة سعيد بن زيد من الميزان للذهبي ، زيادة في الكتم والتعمية ، وقد خان فلم يذكر ما ذكر الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب:4/29 من نقل أقوال موثقيه ، زيادةً على أنه من رجال مسلم في الصحيح.... وضعفه أيضاً باختلاط أبي النعمان، وهو تضعيف غير صحيح لأن اختلاط أبي النعمان لم يؤثر في روايته، قال الدارقطني: تغير بآخره وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر وهو ثقة . وقول ابن حبان وقع في حديثه المناكير الكثيرة بعد اختلاطه رده الذهبي فقال: لم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثاً منكراً) فتأمل في هذا التحقيق تفلح ويكفيك تناقض الشيخ الألباني في توثيق سعيد بن زيد؟؟.
ومما ورد أيضا ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير عن عثمان بن حنيف: " أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتُقضى لِي اللهم فشفعه في " ولقد علّم أيضا عثمان بن حُنيف هذا الدعاء احد في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فهل نقول إنه كفر لأنه علمه هذا الدعاء الذي هو استغاثة وتوسل بغير الله ؟؟
أما محاولة تضعيف السند بقول أن فيه رجلا مجهولا ليضعفوا الحديث وهو أبو جعفر الخطمي المدني ثقة معروف ترجم له كم من واحد وهو عمير بن يزيد بن عمير بن حبيب الأنصاري ولقد وعدناك أخي القارئ الكلام على هذا الرجل الثقة فقد قال ابن حجر صدوق وقال عنه الذهبي ثقة روى له أبو داود والترميذي والنسائي و ابن ماجه
قال المزي في تهذيب الكمال :
- د ت س ق - : عمير بن يزيد بن عمير بن حبيب بن خماشة ، و يقال : ابن حباشة الأنصارى ، أبو جعفر الخطمى المدنى ، نزيل البصرة ، و أمه بنت عقبة بن الفاكه ابن سعد الأنصارى ، لجديه : عمير بن حبيب ، و الفاكه بن سعد صحبة . اهـ .
و قال المزى :
قال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : ثقة .
و كذلك قال النّسائى .
و ذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .
و قال عبد الرحمن بن مهدى : كان أبو جعفر و أبوه و جده قوما يتوارثون الصدق بعضهم عن بعض .
روى له الأربعة . اهـ .
وقال الحافظ في تهذيب التهذيب -8/151 قال الطبراني في " الأوسط " : ثقة . اهـ .
وانظر ما قاله ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل رقم - 2099-
فانظر رحمك الله من حالوا التضعيف؟؟!! والحمد لله أن كشف الله ألاعبهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله فانظر وتمعن جيدا؟؟!!فمن هو المتبع ومن هو المبتدع؟؟.
فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف.
أقوال بعض العلماء في جواز واستحباب التوسل بالأنبياء والأولياء:
اعلم أخي أن النقول في هذا الفصل أكثر من أن تحصى ونكتفي هنا باليسير ونرجئ الباقي إلى حين؟؟!!.
الحافظ العلامة إبراهيم الحربى : توسل بقوله " قـبر معروف الكرخى هو الترياق المجرب" – تاريخ بغـداد 1 / 122.
والشيخ ابراهيم الحربي كان يشبه بالإمام أحمد في التقوى والورع والعلم والزهد وكان الإمام أحمد يرسل ابنه عبد الله ليتعلم عند الشيخ الحافظ ابراهيم وكأن الإمام أحمد يرسل ابنه ليشرك بالله ما لم ينزل به سلطنا؟؟!!
الحافظ ابن الجوزى زاد المسير 4 / 253 توسل بقوله " بحق محمد صلى الله عليه وسلم "
الحافظ ابن حبان : كان إذا أهمه أمر قصد قبر الإمام على الرضا فينكشف همه،" وقد جربته مرارا وقد تم الإشارة إليه من قبل " الثقات 8 / 457 وسيأتي نقل النص كاملا.
الحافظ ابن كثــير : توســل بقولــه " بمحمــد وآلــه " - البدايـة والنهايـة 13/192
الحافظ البيهقى : روى عنه ابن الجوزى فى المنتظم ( 11 / 211 ) من مناقب أحمد بن حرب " استجابة الدعاء إذا توسل الداعى بقبره " .
الحافظ العلامة العلجونى : توسل بقوله " وبخير خلقك لم أزل متوسلاً " كشــف الخفاء 2 / 55
الحافظ الهيثمى : توسل بقوله " بمحمد وآله " . مجمع الزوائد9 / 420
الحافظ الذهبى : ذكر أحد الصالحين وقال : " وكـان ورعـاً تقـياً محتشماً يتبرك بقبره " سير أعلام النبلاء 18 / 101
العلامة الحافظ ابن عقيل الحنبلي: وكان يقول في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم " يا محمد إني أتوجه بك إلى ربى " - (التذكرة 87 ).
الحافظ الواقدي رحمه الله توســل بقوله " فـأدع الله وأتوســــل إليـه بمحمــد " – فتوح الشام 2 / 91
وقال العلامة القاضي عياض من المالكية في الشفا 2 / 74:
"فصل في حكم زيار المصطفى صلى الله عليه وسلم وفضيلة من زاره وسلَّم عليه، وكيف يسلم ويدعو وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنَّة من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلةً مرغب فيها." اهـ
قال الحافظ النووي من الشافعية في المجموع (8/204) (( واعلم أن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم القربات، وأنجح المساعي، فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحباباً متأكداً أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته صلى الله عليه وسلم، وينوي الزائر من الزيارة التقرب وشد الرحل إليه والصلاة فيه)). اهـ
وقال الشيخ ابن مفلح الحنبلي في الفروع (1/595) (( ويجوز التوسل بصالح-أي ولي- وقيل : يستحب قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي : إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ، وجزم به في المستوعب وغيره )) اهـ
المحدث العلامة أبو على الخلال : قـال " فقصدت قـبر موسى بن جعفر فتوسلت به "
تاريخ بغـداد 1/120 وهو غير مطعون عند السلفية فهل يسلمون له قوله أم يقولون بكفره!!؟.
وقال الشيخ أبو الحسن المرداوي في الإنصاف 4/53 :
" قوله إذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبر صاحبيه".هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة ً متقدمهم ومتأخرهم )) . اهـ
وقال محقق مذهب الحنابلة أبو محمد بن قدامة المقدسي السابق ذكره أقصد في سند ابن تيمية:
(( ويستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي )). وفي رواية (من زار قبري وجبت له شفاعتي)) رواه باللفظ الأول سعيد سنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر، وقال أحمد في رواية عبد الله عن يزيد بن قُسَيْط عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم علىَّ عند قبري إلا رد الله علىَّ روحي حتى أرد عليه السلام). وإذا حج الذي لم يحج قط يعني من غير طريق الشام لا يأخذ على طريق المدينة لأني أخاف أن يحدث به حدث فينبغي أن يقصد مكة من أقصر الطرق ولا يتشاغل بغيره ، ويروى عن العتبي قال : كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً }، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول :
يا خير من دُفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهنَّ القاع والأكم
نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي فحملتني عيني فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا عتبى ألحَقْ الأعرابيَّ فبشره أنَّ الله غفر له. اهـ فتأمل؟؟
فلم يبق مجالا للشك في هذه المسألة وخاصة وان المدرسة الحنبلية يستحبون التوسل قال (( سألته –يعني احمد- عن رجل يمس منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبرك بسمه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل فقال لا بأس بذلك )) (2/35) العلل!!فانظر؟
قال الشيخ المرعي في غاية المنتهى ص259 (( ولا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجى بركته))
وقال المرداوي (( يجوز لمس القبر من غير كراهة )) الإنصاف 2/562 فماذا يقولون يا ترى!!
ومما يدل على أن الصحابة فعلوا ذلك أي لمس الأماكن المباركة ما رواه ابن أبي شيبة مصنفه من طريق يزيد بن عبد الملك بن قسيط قال رأيت نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلا لهم المسجد قاموا إلى رمانة المنبر القرعاء فمسوها ودعوا قال ورأيت يزيد يفعل ذلك )) 3/450
وابن حجر النقل عنه كثير في هذا الباب ولكن نكتفي بنقلين مهمين في فتح الباري في شرح صحيح البخاري في كتاب الجنائز باب الكفن في القميص..
الشرح: قوله: (باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف) قال ابن التين: ضبط بعضهم يكف بضم أوله وفتح الكاف وبعضهم بالعكس، والفاء مشدودة فيهما.
وضبطه بعضهم بفتح أوله وسكون الكاف وتخفيف الفاء وكسرها، والأول أشبه بالمعنى.
وتعقبه ابن رشيد بأن الثاني هو الصواب قال: وكذا وقع في نسخة حاتم الطرابلسي، وكذا رأيته في أصل أبي القاسم بن الورد، قال: والذي يظهر لي أن البخاري لحظ قوله تعالى (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه سواء كان يكف عنه العذاب أو لا يكف استصلاحا للقلوب المؤلفة،فكأنه يقول يؤخذ من هذا التبرك بآثار الصالحين سواء علمنا أنه مؤثر في حال الميت أو لا.أهـ
وقال أيضا نفس المصدر:
المجلد العاشر - كتاب اللباس - باب هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ
((الحديث: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ كَتَبَ لَهُ وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاللَّهِ سَطْرٌ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَزَادَنِي أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ قَالَ فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ قَالَ فَاخْتَلَفْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ فَنَزَحَ الْبِئْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ
قال ابن بطال: وفيه أن من طلب شيئا ولم ينجح فيه بعد ثلاثة أيام أن له أن يتركه، ولا يكون بعد الثلاث مضيعا، وأن الثلاث حد يقع بها العذر في تعذر المطلوبات.
وفيه استعمال الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك والتيمن بها.))أهـ
ولتعلم أخي القارئ أن بئر أريس المبارك لا وجود له اليوم بل طمس مخافة أن يعبد من دون الله!!؟.فأي عقول هذه!!ومن الذي أوحى لهم ذلك!!؟.
وليعلم أخي السلفي!!أن ذكر التوسل واستحبابه غير مقصور على الكتب الفقهية فلربما ساعدتكم الأمور؟لنزع ذلك من الكتب الفقهية كما تقولون تقية وتصفية من الشرك ولكن في كتب الرجال لا أظن أنكم تفعلون ذلك لأن الميزان سيقلب فلربما توثقون مشركا على حسب قواعدكم لذا أردت أن أراعي خاطركم هنا!أيضا فسأذكر مثالا أو مثالين والباقي أرجئه إلى حين ولكل أجل كتاب نبدأ بالحافظ ابن حبان وكتابه الثقات!! قال هنالك ما نصه "8/457" عند قوله في علي موسى رضي الله عنه (وقبره بسنا باذ خارج نوقان يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله بإزالتها عني فاستجاب الله لي وزالت عني تلك الشدة وهذا شيء رجبته مرار فوجدته كذلك ....) الخ الشرك الذي فطن له الوهابية!!؟.
وانظروا المزيد من الشركيات في السير للذهبي "16/24" وتاريخ بغداد "1/120"وصفوة الصفوة لابن الجوزي"2/250" لتجدوا العجب!!.
وقال الحافظ العلامة أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر في تهذيب التهذيب "5/310" في ترجمة عبد الله بن غالب الحداني ....قتل يوم التروية فكان الناس يأذخون من تراب قبره كأنه مسك؟؟" نعوذ بالله من الشرك.
فكل الذي ذكر غير مقبول عند السلفية!!؟بل هو من الشرك ومن وسائله وكل وسيلة توصل لشرك لابد من هدمها فها هي كتب الأعلام الوسائل المقررة للشرك فحرّقوها لكي تقطعوا الدين بأيديكم!!؟ أليس هذا عجيبا أخي القارئ فالأمة من القرون الأولى إلى الآن يرون استحبابه وجوازه فيأتي من يأتي ليرى غير ما يرى فطاحل الأمة ويبتدع رأيا والعجب ليس هو ابتداعه رأيا فقد قتل الإمام الحسين رضوان الله عليه وأعاد علينا بركته من قبل!بدعوى أنه قتل بسيف جده صلى الله عليه وآله بل العجب هو تمسك البعض بهذه الأقوال ونصرتها والدفاع عنها واتهام من يقرر ذلك بالكفر والتشيع والشرك فمن هو المشرك الآن هل من يتبع يكون مشركا!! فسبحان الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
هدى الله الجميع
0 التعليقات:
إرسال تعليق
يشرفني طرح أرائكم سادتي